كِتَابَةُ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ وَالْوَلِيِّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَيْسَ لِأَبٍ الصَّبِيِّ وَلَا لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَصِيًّا كَانَ، أَوْ مَوْلًى أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا نَظَرَ فِيهَا لِلصَّغِيرِ وَلَا لِلْكَبِيرِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمُكَاتَبَ إذَا كَانَ ذَا مَالٍ، أَوْ أَمَانَةٍ وَاكْتِسَابٍ كَانَتْ رَقَبَتُهُ وَمَالُهُ وَاكْتِسَابُهُ لِلصَّبِيِّ وَالْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذِي أَمَانَةٍ لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ أَنْ يَمْنَعَ بَيْعَهُ وَإِجَارَتَهُ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَيُكَاتِبُ عَلَى نُجُومِ تَمْنَعُ فِي مُدَّتِهَا لَهَا مِنْ مَنْفَعَتِهِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ يَنْصَحُ وَيَكْتَسِبُ إذَا كُوتِبَ نَصِيحَةً لَا يَنْصَحُهَا عَبْدًا، قِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ نَصِيحَتُهُ بِمَالٍ يُؤَدِّيه عِنْدَهُ فأتطلبه فَهُوَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَوْلَى عَلَيْهِ وَلَا يَمْنَعُ رَقَبَةَ الْعَبْدِ وَلَا مَنْفَعَتَهُ وَإِنْ كَانَتْ نَصِيحَتُهُ اكْتِسَابًا فَأَجْرُهُ فَإِنْ خَبُثَ أَدَّبَهُ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ يُخَالِفُ أَنْ يَأْبَقَ إنْ لَمْ يُكَاتَبْ، قِيلَ: وَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ إذَا كُوتِبَ أَنْ يُقِيمَ حَتَّى إذَا تَقَارَبَ حُلُولُ نَجْمِهِ أَبَقَ، فَلَيْسَتْ الْكِتَابَةُ نَظَرًا بِحَالٍ، وَإِنَّمَا أَجَزْنَاهَا عَلَى مَنْ يَلِي مَالَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ جَازَ، فَإِنْ كَاتَبَ أَبُو الصَّبِيِّ، أَوْ وَلِيُّ الْيَتِيمِ، أَوْ الْمَوْلَى فَالْكِتَابَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ أَدَّى الْعَبْدُ، أَوْ أَعْتَقَهُ فَالْعَبْدُ رَقِيقٌ بِحَالٍ، وَمَا يُؤَدِّي مِنْهُ حَلَالٌ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ أُعْطِيَ مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ رَجَعَ الْوَالِي عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مِمَّنْ صَارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الرِّقَابِ، وَإِذَا بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَاسْتَوْفَى قِيمَتَهُ، أَوْ ازْدَادَ، أَوْ بَاعَهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فِي نَظَرِ الْمَوْلَى لِعِتْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ مَالِهِ بِالْعَبْدِ لِلْمَوْلَى مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْلِكَ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ عَلَى الْمُكَاتَبِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ وَكَسْبِهِ فِيمَا يَسْتَأْنِفُ وَاحِدٌ وَهَكَذَا لَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَبًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِ إيَّاهُ الْعَبْدُ إنْ أَعْطَاهُ وَقَبَضَ الْمَالَ مِنْ الْعَبْدِ، أَوْ أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ فَالْمَالُ لِلْمَوْلَى وَالْعِتْقُ بَاطِلٌ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَوْلَى أَيًّا كَانَ أَوْ غَيْرُهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ أَحَدٍ بِدَيْنٍ فَإِنْ بَاعَهُ بِدَيْنٍ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ كَانَ الْعِتْقُ مَرْدُودًا وَفِي عِتْقِ الْأَبِ وَالْوَلِيِّ عَبْدَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ، أَوْ مُكَاتَبَتِهِ مَعْنًى بِأَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ إلَّا لِلْمُعْتِقِ وَالْمَوْلَى غَيْرَ مُعْتَقٍ وَالْمُعْتِقُ غَيْرُ مَالِكٍ وَلَا يَجُوزُ الْعِتْقُ لِغَيْرِ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى بَالِغًا فَأَذِنَ بِذَلِكَ لِوَلِيِّهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ فِي أَنْ لَا يَجُوزَ أَمْرُهُ فِي مَالِهِ حَتَّى يَجْمَعَ الْبُلُوغَ وَالرُّشْدَ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بَالِغٍ أَوْ صَبِيٍّ وَبَيْنَ رَجُلٍ يَلِي نَفْسَهُ لَمْ تَجُزْ كِتَابَتُهُ أَذِنَ فِيهَا الْمَحْجُورُ وَوَلِيُّهُ أَمْ لَمْ يَأْذَنَا وَإِذَا أَدَّى عَتَقَ نَصِيبُ غَيْرِ الْمَحْجُورِ وَيُرَاجَعُ هُوَ وَالْعَبْدُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَعَتَقَ كُلُّهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَضُمِنَ لِلْمَحْجُورِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَمْلُوكًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَحْجُورِ بِشَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ عَبْدِهِ.
مَنْ تَجُوزُ كِتَابَتُهُ مِنْ الْمَمَالِيكِ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبْدًا لَهُ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ وَلَا عَبْدًا لَهُ غَيْرَ بَالِغٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْقُولًا عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ إنَّمَا خَاطَبَ بِالْفَرَائِضِ الْبَالِغِينَ غَيْرَ الْمَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمْ، فَالْكِتَابَةُ إذَا كَانَتْ فَرِيضَةً لِلْعَبْدِ لَازِمَةً عَلَى سَيِّدِهِ وَلِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ فِيهَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَالْوَفَاءُ وَلَيْسَ الصَّغِيرُ وَلَا الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ فَرْضٌ بِقَوْلِهِ كَمَا لَا يُحَدُّ بِقَوْلِهِ وَلَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي شَيْءٍ لِلَّهِ وَلَا لِلنَّاسِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ أَبُو الْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute