أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَهَذَا حَقٌّ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَنَسَبٍ وَاحِدٍ لَا يَتَنَازَعُ لِمَنْ كَانَ مِنْهُ وَلَدٌ وَلَوْ طَلَّقَهَا فَحَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ أَصَابَهَا اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ مِنْ يَوْمِ أَصَابَهَا وَكَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً وَتَدْخُلَ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ وَلَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِهِ حَتَّى تَرَى الدَّمَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ إصَابَتِهِ إيَّاهَا وَهِيَ الرَّابِعَةُ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ شَيْءٌ وَسَوَاءٌ عَلِمَتْ بِالرَّجْعَةِ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ إذَا كَانَتْ تَعْلَمُ فَتَمْتَنِعُ مِنْ الرَّجْعَةِ فَتَلْزَمُهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهَا لَهُ عَلَيْهَا فَعِلْمُهَا وَجَهَالَتُهَا سَوَاءٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَائِبَةً أَوْ حَاضِرَةً أَوْ كَانَ عَنْهَا غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا.
(قَالَ): وَإِنْ رَاجَعَهَا حَاضِرًا وَكَتَمَ الرَّجْعَةَ أَوْ غَائِبًا فَكَتَمَهَا أَوْ لَمْ يَكْتُمْهَا فَلَمْ تَبْلُغْهَا الرَّجْعَةُ حَتَّى مَضَتْ عِدَّتُهَا وَنَكَحَتْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ الَّذِي نَكَحَتْهُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ الْآخَرِ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ أَصَابَهَا لَا مَا سَمَّى لَهَا وَلَا مَهْرَ وَلَا مُتْعَةَ إنْ لَمْ يُصِبْهَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَبْطُلُ مَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مِنْهَا بِبَاطِلٍ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ وَلَا بِدُخُولٍ لَمْ يَكُنْ يَحِلُّ عَلَى الِابْتِدَاءِ لَوْ عَرَفْنَاهُ كَانَا عَلَيْهِ مَحْدُودَيْنِ، وَفِي مِثْلِ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ لَا اسْتِثْنَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ زَوْجٌ آخَرُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ ثُمَّ رَسُولُهُ أَحَقَّ بِأَمْرٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يُشْهِدُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ فَنَكَحَتْ قَالَ هِيَ امْرَأَةُ الْأَوَّلِ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ.
وَجْهُ الرَّجْعَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَنْبَغِي لِمَنْ رَاجَعَ أَنْ يُشْهِدَ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ عَلَى الرَّجْعَةِ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ الشَّهَادَةِ لِئَلَّا يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ أَوْ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ الرَّجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا يَتَوَارَثَانِ إنْ لَمْ تَعْلَمْ الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ، وَلِئَلَّا يتجاحدا أَوْ يُصِيبَهَا فَتَنْزِلَ مِنْهُ إصَابَةُ غَيْرِ زَوْجَةٍ، وَلَوْ تَصَادَقَا أَنَّهُ رَاجَعَهَا وَلَمْ يُشْهِدْ فَالرَّجْعِيَّةُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهَا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إلَيْهِ دُونَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ قَالَ قَدْ رَاجَعْتهَا فَإِذَا مَضَتْ الْعِدَّةُ فَقَالَ قَدْ رَاجَعْتهَا وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَالَ قَدْ رَاجَعْتهَا فِي الْعِدَّةِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
مَا يَكُونُ رَجْعَةً وَمَا لَا يَكُونُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقِهِ إذَا كَانَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك وَإِذَا كَانَ يَوْمُ كَذَا وَكَذَا فَقَدْ رَاجَعْتُك وَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك وَإِذَا فَعَلْت كَذَا فَقَدْ رَاجَعْتُك فَكَانَ كُلُّ مَا قَالَ لَمْ يَكُنْ رَجْعَةً، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ شِئْت فَقَدْ رَاجَعْتُك فَقَالَتْ قَدْ شِئْت. لَمْ تَكُنْ رَجْعَةً حَتَّى يُحْدِثَ بَعْدَهَا رَجْعَةً. وَهَذَا مُخَالِفٌ قَوْلَهُ إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ إذَا كَانَ أَمْسِ فَقَدْ رَاجَعْتُك لَمْ تَكُنْ رَجْعَةً بِحَالٍ، وَلَوْ نَوَى إذَا كَانَ أَمْسِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَقَدْ رَاجَعْتُك لَمْ يَكُنْ رَجْعَةً وَلَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ لَهَا إذَا كَانَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك فَلَا يَكُونُ رَجْعَةً، وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute