للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكْرَهُ أَوْ يَضْرِبُ اشْرَبْ، وَكَذَلِكَ ذُقْ أَوْ اطْعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَذْكُرُ بَعْضَ مَنْ عَذَّبَ {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} وَلَوْ قَالَ لَهَا اذْهَبِي وَتَزَوَّجِي أَوْ تَزَوَّجِي مَنْ شِئْت لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا حَتَّى يَقُولَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ، وَهَكَذَا إنْ قَالَ اذْهَبِي فَاعْتَدِّي، وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ حَتَّى يُرِيدَ الطَّلَاقَ فَإِذَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وَهُوَ مَا أَرَادَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ وَإِنْ أَرَادَ طَلَاقًا وَلَمْ يُرِدْ عَدَدًا مِنْ الطَّلَاقِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَحْرِيمَهَا بِلَا طَلَاقٍ لَمْ تَكُنْ حَرَامًا وَكَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيُصِيبُهَا إنْ شَاءَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ وَإِنَّمَا قُلْنَا عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا أَرَادَ تَحْرِيمَهَا وَلَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ جَارِيَتَهُ فَأُمِرَ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ - قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} الْآيَةَ فَلَمَّا لَمْ يُرِدْ الزَّوْجُ بِتَحْرِيمِ امْرَأَتِهِ طَلَاقًا كَانَ أَوْقَعَ التَّحْرِيمَ عَلَى فَرْجٍ مُبَاحٍ لَهُ لَمْ يَحْرُمْ بِتَحْرِيمِهِ فَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ فِيهِ كَمَا لَزِمَ مَنْ حَرَّمَ أَمَتَهُ كَفَّارَةٌ فِيهَا وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُمَا مَعًا تَحْرِيمٌ لِفَرْجَيْنِ لَمْ يَقَعْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَاقٌ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُ عَلَيَّ حَرَامٌ يَعْنِي امْرَأَتَهُ وَجَوَارِيَهُ وَمَالَهُ كَفَّرَ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْجَوَارِي كَفَّارَةً كَفَّارَةً إذَا لَمْ يُرِدْ طَلَاقَ الْمَرْأَةِ وَلَوْ قَالَ مَالِي عَلَيَّ حَرَامٌ لَا يُرِيدُ امْرَأَتَهُ وَلَا جَوَارِيَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مَالُهُ.

بَابُ الشَّكِّ وَالْيَقِينِ فِي الطَّلَاقِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ أَنَا أَشُكُّ أَطَلَّقْت امْرَأَتِي أَمْ لَا، قِيلَ لَهُ الْوَرَعُ أَنْ تُطَلِّقَهَا فَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّك إنْ كُنْت قَدْ طَلَّقْت لَمْ تُجَاوِزْ وَاحِدَةً قُلْنَا قَدْ طَلَّقْت وَاحِدَةً فَاعْتَدَّتْ مِنْك بِإِقْرَارِك بِالطَّلَاقِ وَإِنْ أَرَدْت رَجْعَتَهَا فِي الْعِدَّةِ فَأَنْتَ أَمْلَكُ بِهَا وَهِيَ مَعَك بِاثْنَتَيْنِ وَإِذَا طَلَّقْتهَا بِاثْنَتَيْنِ وَقَدْ أَوْقَعْت أَوَّلًا الثَّالِثَةَ حَرُمَتْ عَلَيْك حَتَّى يُحِلَّهَا لَك زَوْجٌ فَتَكُونَ مَعَك هَكَذَا وَإِنْ كُنْت تَشُكُّ فِي الطَّلَاقِ فَلَمْ تَدْرِ أَثْلَاثًا طَلَّقْت أَوْ وَاحِدَةً فَالْوَرَعُ أَنَّك تُقِرُّ بِأَنَّك طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا وَالِاحْتِيَاطُ لَك أَنْ تُوقِعَهَا فَإِنْ كَانَتْ وَقَعَتْ لَمْ تَضُرَّك الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَقَعَتْ أَوْقَعْتهَا بِثَلَاثٍ لِتَحِلَّ لَك بَعْدَ زَوْجٍ يُصِيبُهَا، وَلَا يَلْزَمُك فِي الْحُكْمِ مِنْ هَذَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَلَالًا لَك فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك إلَّا بِيَقِينِ تَحْرِيمٍ فَإِنْ تَشُكَّ فِي تَحْرِيمٍ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَنْفُخُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا كَانَ عَلَى يَقِينِ الْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي انْتِقَاضِهِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَثْبُتَ عَلَى يَقِينِ الْوُضُوءِ وَلَا يَنْصَرِفَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِانْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِأَنْ يَسْمَعَ مِنْ نَفْسِهِ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا، وَهُوَ فِي مَعْنَى الَّذِي يَكُونُ عَلَى يَقِينِ النِّكَاحِ وَيَشُكُّ فِي تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ وَلَا يُخَالِفُهُ، وَإِنْ سَأَلَتْ يَمِينَهُ أُحْلِفَ مَا طَلَّقَهَا فَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَتْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ بِحَالِهَا، وَإِنْ مَاتَتْ فَسَأَلَ ذَلِكَ وَرَثَتُهَا لِيَمْنَعُوهُ مِيرَاثَهَا فَذَلِكَ لَهُمْ وَيَقُومُونَ فِي ذَلِكَ مَقَامَهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ فَسَأَلَ وَرَثَتُهُ أَنْ تُمْنَعَ مِيرَاثَهَا مِنْهُ بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ سَأَلُوا يَمِينَهَا وَقَالُوا إنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ صَحِيحٌ أُحْلِفَتْ مَا عَلِمَتْ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَتْ وَرِثَتْ وَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفُوا لَقَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ تَرِثْ، وَلَوْ اسْتَيْقَنَ بِطَلَاقٍ وَاحِدَةً وَشَكَّ فِي الزِّيَادَةِ لَزِمَتْهُ وَاحِدَةٌ بِالْيَقِينِ وَكَانَ فِيمَا شَكَّ فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ كَهُوَ فِيمَا شَكَّ أَوَّلًا مِنْ تَطْلِيقَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ (قَالَ): وَلَوْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ فَأَقَامَ مَعَهَا فَأَصَابَهَا وَمَاتَتْ وَأَخَذَ مِيرَاثَهَا ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>