للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْ يَعْرِفُهَا فَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا وَهَكَذَا السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ يُشْبِهُ السُّنَّةَ، وَقَدْ خَالَفُوا هَذَا كُلَّهُ وَرَوَوْا حَدِيثًا عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ اشْتَرَى جَارِيَةً فَذَهَبَ صَاحِبُهَا فَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَنْ صَاحِبِهَا فَإِنْ كَرِهَ فَلِي وَعَلَيَّ الْغُرْمُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَكَذَا نَفْعَلُ بِاللُّقَطَةِ فَخَالَفُوا السُّنَّةَ فِي اللُّقَطَةِ الَّتِي لَا حُجَّةَ فِيهَا، وَخَالَفُوا حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي يُوَافِقُ السُّنَّةَ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ ثَابِتٌ وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي عَنْ عَامِرٍ وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ فِيمَا هُوَ بِعَيْنِهِ يَقُولُونَ: إنْ ذَهَبَ الْبَائِعُ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا، وَلَكِنَّهُ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا مَتَى جَاءَ.

كِتَابُ اللَّقِيطِ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ) قَالَ: سَمِعْت الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ فِي الْمَنْبُوذِ: هُوَ حُرٌّ وَلَا وَلَاءَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ بِأَنَّهُمْ قَدْ خُوِّلُوا كُلَّ مَالٍ لَا مَالِكَ لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مَالَ النَّصْرَانِيِّ، وَلَا وَارِثَ لَهُ؟ وَلَوْ كَانُوا أَعْتَقُوهُ لَمْ يَأْخُذُوا مَالَهُ بِالْوَلَاءِ، وَلَكِنَّهُمْ خُوِّلُوا مَا لَا مَالِكَ لَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ، وَلَوْ وَرِثَهُ الْمُسْلِمُونَ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ دُونَ أَحَدٍ وَأَنْ يَكُونَ أَهْلُ السُّوقِ وَالْعَرَبِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ سَوَاءً ثُمَّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ وَلَاءَهُ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لِجَمَاعَةِ الْأَحْيَاءِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ثُمَّ يَجْعَلُ مِيرَاثَهُ لِوَرَثَتِهِ مَنْ كَانَ حَيًّا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ كَمَا يُورَثُ الْوَلَاءُ، وَلَكِنَّهُ مَالٌ كَمَا وَصَفْنَا لَا مَالِكَ لَهُ وَيُرَدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَضَعُهُ الْإِمَامُ عَلَى الِاجْتِهَادِ حَيْثُ يَرَى.

وَتَرْجَمَ فِي سِيَرِ الْأَوْزَاعِيِّ الصَّبِيُّ يُسْبَى ثُمَّ يَمُوتُ

سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الصَّبِيِّ يُسْبَى وَأَبُوهُ كَافِرٌ وَقَعَا فِي سَهْمِ رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ، وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى دِينِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالْإِسْلَامِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَوْلَاهُ أَوْلَى مِنْ أَبِيهِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ وَخَرَجَ أَبُوهُ مُسْتَأْمَنًا لَكَانَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ أَبِيهِ وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ إذَا لَمْ يُسْبَ مَعَهُ أَبُوهُ صَارَ مُسْلِمًا لَيْسَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ أَبِيهِ إذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ، وَهُوَ يَنْقُضُ قَوْلَ الْأَوْزَاعِيِّ إنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُبْتَاعَ السَّبْيُ وَيُرَدَّ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فِي مَسْأَلَةٍ قَبْلَ هَذَا فَالْقَوْلُ فِي هَذَا مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ عَلَى دِينِهِ حَتَّى يُقِرَّ بِالْإِسْلَامِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مُسْلِمٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): «سَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَذَرَارِيِّهِمْ فَبَاعَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَاشْتَرَى أَبُو الشَّحْمِ الْيَهُودِيُّ أَهْلَ بِنْتِ عَجُوزٍ وَلَدَهَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبَايَا أَثْلَاثًا ثُلُثًا إلَى تِهَامَةَ وَثُلُثًا إلَى نَجْدٍ وَثُلُثًا إلَى طَرِيقِ الشَّامِ» فَبِيعُوا بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالْإِبِلِ وَالْمَالِ، وَفِيهِمْ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ هَذَا أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَطْفَالِ مَعَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَطْفَالِ مَنْ لَا أُمَّ لَهُ، فَإِذَا سُبُوا مَعَ أُمَّهَاتِهِمْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ سُبُوا مَعَ آبَائِهِمْ، وَلَوْ مَاتَ أُمَّهَاتُهُمْ وَآبَاؤُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا فَيَصِفُوا الْإِسْلَامَ لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى دَيْنِ الْأُمَّهَاتِ وَالْآبَاءِ إذَا كَانَ النِّسَاءُ بَلْغًا فَلَنَا بَيْعُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ أُمَّهَاتِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّا قَدْ حَكَمْنَا عَلَيْهِمْ بِأَنَّ حُكْمَ الشِّرْكِ ثَابِتٌ عَلَيْهِمْ إذَا تَرَكْنَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ كَمَا حَكَمْنَا بِهِ وَهُمْ مَعَ آبَائِهِمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ إذَا لَزِمَهُمْ حُكْمُ الشِّرْكِ كَانَ لَنَا بَيْعُهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>