قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَنَّ ابْنَ الْمَاجِشُونِ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، وَجَمَاعَةً مِنْ الْمَدَنِيِّينَ كَانُوا عِنْدَهُمْ بِالْعِرَاقِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمِيرَاثِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِنَّهُ لَقَوْلٌ يَصِحُّ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّمَا زَعَمَ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي يَدَيْهِ، وَيَدَيْ أَخِيهِ بِمِيرَاثِهِ مِنْ أَبِيهِمَا، وَزَعَمَ أَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ كَمَا يَرِثُ أَبَاهُمْ فَإِذَا حَكَمْنَا بِأَنَّ أَصْلَ هَذَا الْإِقْرَارِ لَا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبٌ، وَإِنَّمَا زَعَمْنَا أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالنَّسَبِ لَا بِدَيْنٍ وَلَا وَصِيَّةٍ، وَلَا شَيْءٍ اسْتَحَقَّهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ غَيْرِ النَّسَبِ زَعَمْنَا أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا، قُلْت لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ كَأَنَّك ذَهَبْت بِهِ إلَى أَنَّهُ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَهِيَ لِي عَلَيْك أَوْ هَذِهِ الدَّارَ، وَلَك هَذَا الْعَبْدُ أَوْ الدَّارَ فَأَنْكَرْت، وَحَلَفْت لَمْ يَكُنْ لَك الْعَبْدُ، وَلَا الدَّارُ فَإِنِّي إنَّمَا أَقْرَرْت لَك بِعَبْدٍ أَوْ دَارٍ، وَفِي إقْرَارِي شَيْءٌ يَثْبُتُ عَلَيْك كَمَا يَثْبُتُ لَك فَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْك مَا ادَّعَيْت لَمْ يَثْبُتْ لَك مَا أَقْرَرْت بِهِ قَالَ إنَّ هَذَا الْوَجْهَ يَقِيسُ النَّاسُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ، وَإِنَّهُ لَيَدْخُلُ قُلْت وَكَيْفَ لَمْ تَقُلْ بِهِ؟ قَالَ اخْتَرْنَا مَا قُلْت لِمَا سَمِعْته (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ أَحَدٍ بِنِسْبَةِ رَجُلٍ إلَى غَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَخَ إنَّمَا يُقِرُّ عَلَى أَبِيهِ فَإِذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ حَقِّهِ مِنْ أَبِيهِ كَحَقِّهِ فَدَفَعَ النَّسَبَ لَمْ يَثْبُتْ، وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ حَتَّى تَجْتَمِعَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ مَعًا أَوْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَى الْمَيِّتِ الَّذِي إنَّمَا يُلْحِقُ بِنَفْسِهِ فَيُكْتَفَى بِقَوْلِهِ، وَيَثْبُتُ لَهُ النَّسَبُ، وَاحْتُجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ، «وَقَوْلِ سَعْدٍ كَانَ أَخِي عَهِدَ إلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةَ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ لَك يَا ابْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ»
. دَعْوَى الْأَعَاجِمِ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ وَإِذَا ادَّعَى الْأَعَاجِمُ بِوِلَادَةِ الشِّرْكِ أُخُوَّةٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَإِنْ كَانُوا جَاءُونَا مُسْلِمِينَ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِمْ بِعِتْقٍ قَبِلْنَا دَعْوَاهُمْ كَمَا قَبِلْنَا دَعْوَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فَإِنْ كَانُوا مَسْبِيِّينَ عَلَيْهِمْ، وَرُقُّوا أَوْ عَتَقُوا فَيَثْبُتُ عَلَيْهِمْ وَلَاءٌ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَثْبُتُ عَلَى وِلَادٍ وَدَعْوَى مَعْرُوفَةٍ كَانَتْ قَبْلَ السَّبْيِ، وَهَكَذَا مَنْ قَلَّ مِنْهُمْ أَوْ كَثُرَ. أَهْلَ حِصْنٍ كَانُوا أَوْ غَيْرَهُمْ.
الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتُ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ مَا كَانَ بِيَدِ مَالِكٍ مَنْ كَانَ الْمَالِكُ مِنْ شَيْءٍ يَمْلِكُ مَا كَانَ الْمَمْلُوكُ فَادَّعَاهُ مَنْ يَمْلِكُ بِحَالٍ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ جَاءَ بِهَا أَخَذَ مَا ادَّعَى، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا فَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشَّيْءُ فِي يَدَيْهِ الْيَمِينُ بِإِبْطَالِ دَعْوَاهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِيءَ، وَإِنْ نَكَلَ قِيلَ لِلْمُدَّعِي لَا نُعْطِيك بِنُكُولِهِ شَيْئًا دُونَ أَنْ تَحْلِفَ عَلَى دَعْوَاك مَعَ نُكُولِهِ فَإِنْ حَلَفْت أَعْطَيْنَاك دَعْوَاك، وَإِنْ أَبَيْت لَمْ نُعْطِك دَعْوَاك، وَسَوَاءٌ ادَّعَاهَا الْمُدَّعِي مِنْ قَبْلِ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ أَنَّهَا خَرَجَتْ إلَيْهِ مِنْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ غَيْرِهِ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِ أَصْلٍ أَوْ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَصْلُ مَعْرِفَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى الَّذِي الشَّيْءُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute