وَبِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَأَنَّهُ اخْتِيَارٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَشُقَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَاسْتُحِبَّ السِّوَاكُ عِنْدَ كُلِّ حَالٍ يَتَغَيَّرُ فِيهِ الْفَمُ وَعِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنْ النَّوْمِ وَالْأَزْمِ وَأَكْلِ كُلِّ مَا يُغَيِّرُ الْفَمَ وَشُرْبِهِ وَعِنْدَ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَمَنْ تَرَكَهُ وَصَلَّى فَلَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وُضُوءٌ.
بَابُ غُسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الْوُضُوءِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْوُضُوءَ فَبَدَأَ فِيهِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ قَامَ مِنْ النَّوْمِ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَعَلَا دُونَ الْبَائِلِ وَالْمُتَغَوِّطِ؛ لِأَنَّ النَّائِمَ لَمْ يُحْدِثْ خَلَاءً وَلَا بَوْلًا وَأُحِبُّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ لِلْوُضُوءِ لِلسُّنَّةِ لَا لِلْفَرْضِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا وَهُوَ لَا يَسْتَيْقِنُ أَنَّ شَيْئًا مِنْ النَّجَاسَةِ مَاسَّهَا لَمْ يَفْسُدْ وُضُوءُهُ وَكَذَلِكَ إنْ شَكَّ أَنْ يَكُونَ مَاسَّهَا فَإِنْ كَانَ الْيَدُ قَدْ مَاسَّتْهُ نَجَاسَةٌ فَأَدْخَلَهَا فِي وُضُوئِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ أَقَلَّ مِنْ قُلَّتَيْنِ فَسَدَ الْمَاءُ فَأَهْرَاقَهُ وَغَسَلَ مِنْهُ الْإِنَاءَ وَتَوَضَّأَ بِمَاءٍ غَيْرِهِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَفْسُدْ الْمَاءُ وَتَوَضَّأَ وَطَهُرَتْ يَدُهُ بِدُخُولِهَا الْمَاءَ إنْ كَانَتْ نَجَاسَةً لَا أَثَرَ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ نَجَاسَةً لَهَا أَثَرٌ أَخْرَجَهَا وَغَسَلَهَا حَتَّى يَذْهَبَ الْأَثَرُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ.
بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} الْآيَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْوَجْهَ الْمَفْرُوضَ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ - مَا ظَهَرَ دُونَ مَا بَطَنَ وَأَنْ لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَغْسِلَ عَيْنَيْهِ وَلَا أَنْ يَنْضَحَ فِيهِمَا فَكَانَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ أَقْرَبَ إلَى الظُّهُورِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ وَلَمْ أَعْلَمْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فَرْضًا وَلَمْ أَعْلَمْ اخْتِلَافًا فِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ لَوْ تَرَكَهُمَا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْدَأَ الْمُتَوَضِّئُ بَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ ثَلَاثًا يَأْخُذَ بِكَفِّهِ غَرْفَةً لِفِيهِ وَأَنْفِهِ وَيُدْخِلَ الْمَاءَ أَنْفَهُ وَيَسْتَبْلِغَ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ يَأْخُذُ بِخَيَاشِيمِهِ وَلَا يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَجْعَلَهُ كَالسَّعُوطِ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا رَفَقَ بِالِاسْتِنْشَاقِ لِئَلَّا يَدْخُلَ رَأْسَهُ وَإِنَّمَا أَكَّدْت الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ دُونَ غَسْلِ الْعَيْنَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَأَنَّ الْفَمَ يَتَغَيَّرُ وَكَذَلِكَ الْأَنْفُ وَأَنَّ الْمَاءَ يَقْطَعُ مِنْ تَغَيُّرِهِمَا وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ الْعَيْنَانِ وَإِنْ تَرَكَ مُتَوَضِّئٌ أَوْ جُنُبٌ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَصَلَّى لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ لِمَا وَصَفْت وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَدَعَهُمَا وَإِنْ تَرَكَهُمَا أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute