للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَفْوُهَا لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِمَا عَلَيْهِ فَيَبْرَأُ مِنْهُ وَلَوْ قَبَضَتْ الصَّدَاقَ أَوْ نِصْفَهُ فَقَالَتْ قَدْ عَفَوْت لَك عَمَّا أَصْدَقْتَنِي فَإِنْ رَدَّتْهُ إلَيْهِ جَازَ الْعَفْوُ وَإِنْ لَمْ تَرُدَّهُ حَتَّى تَرْجِعَ فِيهِ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِضٍ مَا وَهَبَتْهُ لَهُ وَلَا مَعْنًى لِبَرَاءَتِهَا إيَّاهُ مِنْ شَيْءٍ لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى التَّمَامِ عَلَى عَفْوِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا غُرْمُهُ إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَدْفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَرَثَتِهَا أَنْ يُعْطُوهُ إيَّاهُ وَكَانَ مَالًا مِنْ مَالِهَا يَرِثُونَهُ قَالَ وَمَا كَانَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَفَا الَّذِي هُوَ لَهُ كَانَ عَفْوُهُ جَائِزًا وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي يَدِهِ فَعَفَا لَهُ الَّذِي هُوَ لَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي إتْمَامِهِ وَالرَّجْعَةِ فِيهِ وَحَبْسُهُ وَإِتْمَامُهُ وَدَفْعُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ حَبْسِهِ وَكُلُّ عَطِيَّةٍ لَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ فَهِيَ بِفَضْلٍ وَكُلُّهَا مَحْمُودٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ وَالْفَضْلُ فِي الْمَهْرِ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ حَضَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ قَالَ وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِصَدَاقٍ فَوَهَبَتْهُ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ.

وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَبْلَ الطَّلَاقِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْعَفْوُ إبْرَاءً لَهُ مِمَّا لَهَا عَلَيْهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ قَدْ مَلَكَهُ عَلَيْهَا وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا شَيْءٌ إلَّا مِنْ قِبَلِ مَا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ بِإِبْرَائِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالدَّفْعِ إلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ كَانَ عَفْوُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالدَّفْعِ إلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ.

وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الَّتِي يَجُوزُ أَمْرُهَا فِي مَالِهَا بِصَدَاقٍ غَيْرِ مُسَمًّى أَوْ بِصَدَاقٍ فَاسِدٍ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ الصَّدَاقِ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ فَالْبَرَاءَةُ بَاطِلَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِمَّا لَا تَعْلَمُ كَمْ وَجَبَ لَهَا مِنْهُ وَلَوْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا جَائِزًا فَرَضِيَتْهُ ثُمَّ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ فَالْبَرَاءَةُ جَائِزَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِمَّا عَرَفَتْ وَلَوْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَاسِدًا فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ أَوْ رَدَّتْهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بَاطِلَةً وَتَرُدُّهُ بِكُلِّ حَالٍ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا فَإِذَا عَلِمَتْهُ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ كَانَتْ بَرَاءَتُهَا جَائِزَةً أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ قَدْ صَارَ لَك فِي يَدِي مَالٌ مِنْ وَجْهٍ فَقَالَ أَنْتَ مِنْهُ بَرِيءٌ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَعْلَمَ الْمَالِكُ الْمَالَ لِأَنَّهُ قَدْ يُبْرِئُهُ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَلَا يُبْرِئُهُ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمَهْرُ صَحِيحًا مَعْلُومًا وَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى طَلَّقَهَا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ الَّذِي وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ جَائِزَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ وَلَوْ كَانَتْ لَمْ تَقْبِضْهُ وَلَكِنَّهَا أَحَالَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَبْرَأَتْهُ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بَاطِلَةً لِأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِمَّا لَيْسَ لَهَا وَمَا مَلَّكَهُ لِغَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ أَحَالَتْ عَلَيْهِ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ ثُمَّ أَبْرَأَتْهُ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ جَازَتْ الْبَرَاءَةُ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ تَجُزْ مِمَّا أَحَالَتْ بِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا فَأَبْرَأَتْهُ مِمَّا لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَا تَمْلِكُهُ فَعَلَى هَذَا، هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ وَقِيَاسِهِ.

صَدَاقُ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ فَيُوجَدُ مَعِيبًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا أَصْدَقَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَوَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا يُرَدُّ مِنْ مِثْلِهِ كَالْبُيُوعِ كَانَ لَهَا رَدُّهُ بِذَلِكَ الْعَيْبِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ سَالِمًا فَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهَا حَتَّى حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَصْدَقَهَا إيَّاهُ فَوَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا أَوْ حَدَثَ بِهِ فِي يَدِ الزَّوْجِ قَبْلَ قَبْضِهَا إيَّاهُ عَيْبٌ كَانَ لَهَا رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَأَخْذُهُ مَعِيبًا إنْ شَاءَتْ فَإِنْ أَخَذَتْهُ مَعِيبًا فَلَا شَيْءَ لَهَا فِي الْعَيْبِ وَإِنْ رَدَّتْهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا بَاعَتْهُ بُضْعَهَا بِعَبْدٍ فَلَمَّا انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِيهِ بِاخْتِيَارِهَا الرَّدَّ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا كَمَا يَكُونُ لَهَا لَوْ اشْتَرَتْهُ مِنْهُ بِثَمَنِ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَ مِنْهَا وَهَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ وَلَمْ تَرَهُ فَاخْتَارَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>