خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ هُوَ ثَمَنٌ لِلْمَرْأَةِ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ فِي الْبِكْرِ كَالْجِنَايَةِ فَفِيهِ أَرْشُ جَائِفَةٍ أَوْ قَالَ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرُونَ دِينَارًا مَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِ؟ قَالَ لَيْسَ الْمَهْرُ مِنْ هَذَا بِسَبِيلٍ قُلْت أَجَلْ وَلَا مِمَّا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ بَلْ بَعْضُ هَذَا أَوْلَى أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ مِمَّا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ إنْ كَانَ هَذَا مِنْهُ بَعِيدًا.
بَابُ مَا جَاءَ فِي النِّكَاحِ عَلَى الْإِجَارَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الصَّدَاقُ ثَمَنٌ مِنْ الْأَثْمَانِ فَكُلُّ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا صَلُحَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ إلَى الرَّجُلِ عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهَا الثَّوْبَ وَيَبْنِيَ لَهَا الْبَيْتَ وَيَذْهَبَ بِهَا الْبَلَدَ وَيَعْمَلَ لَهَا الْعَمَلَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى هَذَا؟ قِيلَ إذَا كَانَ الْمَهْرُ ثَمَنًا كَانَ فِي مَعْنَى هَذَا وَقَدْ أَجَازَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْإِجَارَةِ فِي كِتَابِهِ وَأَجَازَهُ الْمُسْلِمُونَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَذَكَرَ قِصَّةَ شُعَيْبٍ وَمُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - فِي النِّكَاحِ فَقَالَ {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ - قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} الْآيَةَ وَقَالَ {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} قَالَ وَلَا أَحْفَظُ مِنْ أَحَدٍ خِلَافًا فِي أَنَّ مَا جَازَتْ عَلَيْهِ الْإِجَارَةُ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا فَمَنْ نَكَحَ بِأَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا فَعَمِلَهُ كُلَّهُ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَمَلِ وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْهُ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ عَمِلَ نِصْفَهُ فَإِنْ فَاتَ الْمَعْمُولُ بِأَنْ يَكُونَ ثَوْبًا فَهَلَكَ كَانَ لِلْمَرْأَةِ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ أَوْ عَمَلِهِ مَا كَانَ (قَالَ الرَّبِيعُ) رَجَعَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ يَكُونُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ يَجُوزُ هَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ غَيْرَ تَعْلِيمِ الْخَيْرِ فَإِنَّهُ لَا أَجْرَ عَلَى تَعْلِيمِ الْخَيْرِ، وَلَوْ نَكَحَ رَجُلٌ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا خَيْرًا كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ خَيْرًا قُرْآنًا وَلَا غَيْرَهُ، وَلَوْ صَلُحَ هَذَا كَانَ تَعْلِيمُ الْخَيْرِ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي خِيَاطَةِ الثَّوْبِ إذَا عَلَّمَهَا الْخَيْرَ وَطَلَّقَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أَجْرِ تَعْلِيمِ ذَلِكَ الْخَيْرِ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُعَلِّمَهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِ أَجْرِ تَعْلِيمِ ذَلِكَ الْخَيْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا وَيُعَلِّمَهَا وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ عَلَى السُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ مَعًا لَوْ تَابَعْنَا فِي تَجْوِيزِ الْأَجْرِ عَلَى تَعْلِيمِ الْخَيْرِ (رَجَعَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) قَالَ الرَّبِيعُ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ: إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهَا ثَوْبًا بِعَيْنِهِ أَوْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَهَلَكَ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ يَخِيطَهُ أَوْ هَلَكَ الشَّيْءُ الَّذِي بِعَيْنِهِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا.
وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدِينَارٍ فَهَلَكَ الشَّيْءُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَجَعَ بِدِينَارِهِ فَأَخَذَهُ فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ إنَّمَا مَلَكَتْ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ بِبُضْعِهَا فَلَمَّا هَلَكَ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى خِيَاطَتِهِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا مَلَكَتْ بِهِ الْخِيَاطَةَ وَهُوَ بُضْعُهَا وَهُوَ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَتْ بِهِ الْخِيَاطَةَ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ آخِرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَخْطُب الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ: قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute