وَتُعْطَى قَطِيفَةً وَسَطًا لَا تُزَادُ وَإِنْ كَانَتْ رَغِيبَةً فَعَلَى مَا وَصَفْت وَتَنْقُصُ إنْ كَانَتْ زَهِيدَةً حَتَّى تُعْطَى مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْيَوْمِ لِأَنَّ لَهَا سَعَةً فِي الْأُدُمِ وَالْفَرْضِ تَزِيدُ بِهَا مَا أَحَبَّتْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَفْرِضُ عَلَيْهِ فِي هَذَا كُلِّهِ مَكِيلَةَ طَعَامٍ لَا دَرَاهِمَ فَإِنْ شَاءَتْ هِيَ أَنْ تَبِيعَهُ فَتَصْرِفَهُ فِيمَا شَاءَتْ صَرَفَتْهُ وَأَفْرِضُ لَهَا نَفَقَةَ خَادِمٍ وَاحِدٍ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِ وَأَجْعَلُهُ مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ ذَلِكَ سَعَةٌ لِمِثْلِهَا وَأَفْرِضُ لَهَا عَلَيْهِ فِي الْكِسْوَةِ الْكِرْبَاسَ وَغَلِيظَ الْبَصْرِيِّ وَالْوَاسِطِيِّ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا أُجَاوِزُهُ بِمُوسِعٍ مَنْ كَانَ وَمَنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ وَأَجْعَلُ عَلَيْهِ لِامْرَأَتِهِ فِرَاشًا وَوِسَادَةً مِنْ غَلِيظِ مَتَاعِ الْبَصْرَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلِلْخَادِمَةِ الْفَرْوَةُ وَوِسَادَةٌ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ عَبَاءَةٍ أَوْ كِسَاءٍ غَلِيظٍ فَإِنْ بَلِيَ أَخْلَفَهُ وَإِنَّمَا جَعَلْت أَقَلَّ الْفَرْضِ مُدًّا بِالدَّلَالَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَفْعِهِ إلَى الَّذِي أَصَابَ أَهْلَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِرْقٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ عِشْرُونَ صَاعًا لِسِتِّينَ مِسْكَيْنَا فَكَانَ ذَلِكَ مُدًّا مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَالْعِرْقُ خَمْسَةَ عَشَرَةَ صَاعًا عَلَى ذَلِكَ يَعْمَلُ لِيَكُونَ أَرْبَعَةَ أَعْرَاقٍ وَسْقًا وَلَكِنَّ الَّذِي حَدَّثَهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي الْحَدِيثِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ عِشْرِينَ صَاعًا قَالَ وَإِنَّمَا جَعَلْت أَكْثَرَ مَا فَرَضْت مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فِدْيَةِ الْكَفَّارَةِ لِلْأَذَى مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَبَيْنَهُمَا وَسَطٌ فَلَمْ أَقْصُرْ عَنْ هَذَا وَلَمْ أُجَاوِزْ هَذَا لِأَنَّ مَعْلُومًا أَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ أَقَلَّ الْقُوتِ مُدٌّ وَأَنَّ أَوْسَعَهُ مُدَّانِ، قَالَ وَالْفَرْضُ عَلَى الْوَسَطِ الَّذِي لَيْسَ بِالْمُوسِعِ وَلَا بِالْمُقْتِرِ مَا بَيْنَهُمَا مُدٌّ وَنِصْفٌ لِلْمَرْأَةِ وَمُدٌّ لِلْخَادِمِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ غَابَ عَنْهَا أَيَّ غِيبَةٍ كَانَتْ فَطَلَبَتْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا أُحْلِفَتْ مَا دَفَعَ إلَيْهَا نَفَقَةً وَفُرِضَ لَهَا فِي مَالِهِ نَفَقَتُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْدٌ بِيعَ لَهَا مِنْ عَرْضِ مَالِهِ وَأُنْفِقَ عَلَيْهَا مَا وَصَفْت مِنْ نَفَقَةِ مُوسِعٍ أَوْ مُقْتِرٍ أَيَّ الْحَالَيْنِ كَانَتْ حَالُهُ قَالَ فَإِنْ قَدِمَ فَأَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّتْ بِأَنْ قَدْ قَبَضَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ نَفَقَةً وَأَخَذَتْ غَيْرَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِثْلِ الَّذِي قَبَضَتْ.
قَالَ وَإِنْ غَابَ عَنْهَا زَمَانًا فَتَرَكَتْ طَلَبَ النَّفَقَةِ بِغَيْرِ إبْرَاءٍ لَهُ مِنْهَا ثُمَّ طَلَبَتْهَا فُرِضَ لَهَا مِنْ يَوْمِ غَابَ عَنْهَا قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا فَطَلَبَتْ فِيمَا مَضَى فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا.
قَالَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ قَدْ دَفَعْت إلَيْهَا نَفَقَتَهَا وَقَالَتْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِدَفْعِهِ إلَيْهَا أَوْ إقْرَارِهَا بِهِ وَالنَّفَقَةُ كَالْحُقُوقِ لَا يُبْرِئُهُ مِنْهَا إلَّا إقْرَارُهَا أَوْ بَيِّنَةٌ تَقُومُ عَلَيْهَا بِقَبْضِهَا.
قَالَ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ نَفَقَةِ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَالَ وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فِيهِمَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ نَفَقَةِ السَّنَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ نَفَقَةِ السَّنَةِ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ قَالَ وَإِنْ تَرَكَهَا سَنَةً لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ تِلْكَ السَّنَةِ وَسَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بَرِيءَ مِنْ نَفَقَةِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ لَهَا وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ نَفَقَةِ السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لِأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ قَبْلَ أَنْ تَجِبَ لَهَا وَكَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ بِهَا وَمَا أَوْجَبَتْ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهَا فَمَاتَتْ فَهُوَ لِوَرَثَتِهَا وَإِذَا مَاتَ ضَرَبَتْ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي مَالِهِ كَحُقُوقِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ فِي الْحَالِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَة وَلَا تَجِب
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ عُقْدَةَ الْمَرْأَةِ يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَالِغًا فَخَلَّتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا أَوْ خَلَّى أَهْلُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَلَمْ تَمْتَنِعْ هِيَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ بِهَا لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ صَغِيرًا تَزَوَّجَ بَالِغًا فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ بَالِغَيْنِ فَامْتَنَعَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute