للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ رَجَعَ أَمْسِ، وَلَوْ تَصَادَقَا أَنَّهُ رَجَعَ أَمْسِ وَقَالَتْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَمْسِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَتْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتِي إلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَهَا قَدْ كَانَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَلَا تُصَدَّقُ بَعْدَ إقْرَارِهَا أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهَا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ قَبْلَ رُجُوعِهِ فَلَمَّا رَجَعَ قُلْت مَكَانَهَا قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا.

مَالُ الْمُرْتَدِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ وَكَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ وَلَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَمُدَبَّرَاتٌ وَمُدَبَّرُونَ وَمُكَاتَبَاتٌ وَمُكَاتَبُونَ وَمَمَالِيكُ وَحَيَوَانٌ وَمَالٌ سِوَى ذَلِكَ وُقِفَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَنْهُ وَمُنِعَ إصَابَةَ أُمِّ وَلَدِهِ وَجَارِيَةٍ لَهُ غَيْرُهَا، وَالْوَقْفُ أَنْ يُوضَعَ مَالُهُ سِوَى إنَاثِ الرَّقِيقِ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَرَقِيقُهُ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى يَدَيْ عَدْلَةٍ مِنْ النِّسَاءِ وَيُؤْمَرُ مَنْ بَلَغَ مِنْ ذُكُورِ رَقِيقِهِ بِالْكَسْبِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ وَيُؤْخَذُ فَضْلُ كَسْبِهِ وَتُؤْمَرُ ذَوَاتُ الصَّنْعَةِ مِنْ جَوَارِيهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَغَيْرِهِمْ بِذَلِكَ وَيُؤَاجِرُ مَنْ لَا صَنْعَةَ لَهُ مِنْهُنَّ مِنْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَمَنْ مَرِضَ مِنْ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ كَسْبًا أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ حَتَّى يُفِيقَ فَيَقْوَى عَلَى الْكَسْبِ أَوْ يَبْلُغَ الْكَسْبَ ثُمَّ يُؤْمَرَ بِالْكَسْبِ كَمَا وَصَفْنَا وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هَارِبًا إلَى دَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ مُتَغَيِّبًا لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ؟ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ الْحَيَوَانُ كُلُّهُ إلَّا مَا لَا يُوجَدُ السَّبِيلُ إلَى بَيْعِهِ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ أَوْ مُكَاتَبِيهِ أَوْ مُرْضِعٍ لِوَلَدِهِ أَوْ خَادِمٍ يَخْدُمُ زَوْجَةً لَهُ وَيُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَصِغَارِ وَلَدِهِ وَزَمْنَاهُمْ وَمَنْ كَانَ هُوَ مَجْبُورًا عَلَى نَفَقَتِهِمْ مِنْ خِدْمَةٍ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ مِنْ مَالِهِ وَيُؤْخَذُ كِتَابَةُ مُكَاتَبِيهِ وَيَعْتِقُونَ إذَا أَدَّوْا وَلَهُ وَلَاؤُهُمْ وَمَتَى رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ رَدَّ مَالَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرُدَّ مَا بِيعَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَالْبَيْعُ نَظَرٌ لِمَنْ يَصِيرُ إلَيْهِ الْمَالُ وَفِي حَالٍ لَا سَبِيلَ لَهُ فِيهَا عَلَى الْمَالِ وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ امْرَأَتِهِ قُطِعَتْ عَنْهَا النَّفَقَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ إذَا رَجَعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلَوْ بُرْسِمَ أَوْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ تُرُبِّصَ بِهِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنْ أَفَاقَ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ كَمَا يُبَاعُ عَلَى الْغَائِبِ الْهَارِبِ وَمَا كُسِبَ فِي رِدَّتِهِ فَهُوَ كَمَا مُلِكَ قَبْلَ الرِّدَّةِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ دُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ كُلُّهُ وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ خُمِّسَ مَالُهُ فَكَانَ الْخُمُسُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.

وَهَكَذَا نَصْرَانِيٌّ مَاتَ لَا وَارِثَ لَهُ يُخَمَّسُ مَالُهُ فَيَكُونُ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ قَالَ وَرَثَةُ الْمُرْتَدِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ كُلِّفُوا الْبَيِّنَةَ فَإِذَا جَاءُوا بِهَا دُفِعَ إلَيْهِمْ مَالُهُ عَلَى مَوَارِيثِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَأْتُوا بِهَا فَهُوَ عَلَى الرِّدَّةِ حَتَّى تُعْلَمَ تَوْبَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ يَرِثُهُ لَمْ تُقْبَلْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَقَالَ مَتَى مِتُّ فَلِفُلَانٍ وَفُلَانٍ كَذَا، ثُمَّ مَاتَ فَشَهِدَ الْمُوصَى لَهُمَا بِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ لَمْ يُقْبَلَا لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا جَوَازَ الْوَصِيَّةِ الَّتِي قَدْ أُبْطِلَتْ بِرِدَّتِهِ.

وَلَوْ كَانَ تَابَ ثُمَّ مَاتَ فَقِيلَ ارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ مُرْتَدًّا فَهُوَ عَلَى التَّوْبَةِ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ ارْتَدَّ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِأَنَّ مَنْ عُرِفَ بِشَيْءٍ فَهُوَ عَلَيْهِ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ. وَلَوْ قَسَمَ الْحَاكِمُ مَالَهُ فِي الْحَالَيْنِ حِينَ مَاتَ وَقَدْ عُرِفَتْ رِدَّتُهُ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَوْبَتِهِ رَجَعَ بِهَا الْحَاكِمُ عَلَى مَنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ حَيْثُ كَانُوا حَتَّى يَرُدَّهَا إلَى وَرَثَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَسَمَهَا فِي مَوْتِهِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى رِدَّتِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَمَوْتِهِ مُرْتَدًّا رَجَعَ الْحَاكِمُ عَلَى وَرَثَتِهِ حَيْثُ كَانُوا وَأَهْلِ وَصَايَاهُ وَأَخَذَ مِنْهُمْ مَا أَعْطَاهُمْ مِنْ مَالِهِ حَتَّى يَصِيرَ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَالْمُسْلِمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>