للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِتْقُ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ: (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ فَأَدَّى إلَيْهِ أَوْ لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى أَعْتَقَهُ فَالْعِتْقُ وَاقِعٌ وَقَدْ بَطَلَتْ عَنْهُ الْكِتَابَةُ وَمَالُهُ الَّذِي أَفَادَ فِي الْكِتَابَةِ كُلُّهُ لَهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مِنْهُ شَيْءٌ.

وَلَوْ كَاتَبَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ وَضَعْت عَنْكَ كِتَابَتَك كُلَّهَا كَانَ حُرًّا وَكَانَ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ أَعْتَقَهُ فِي أَصْلِ الْكِتَابَةِ بِالْبَرَاءَةِ إلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَلَوْ قَالَ قَدْ وَضَعْت عَنْك الْكِتَابَةَ إلَّا دِينَارًا أَوْ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ كَانَ بَرِيئًا مِنْ الْكِتَابَةِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى وَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ آخِرِ الْكِتَابَةِ وَالْقَوْلُ فِي أَصْلِ اسْتِثْنَاءِ السَّيِّدِ مِنْ الْكِتَابَةِ قَوْلُ السَّيِّدِ إنْ قَالَ الَّذِي وَضَعْت مِنْ الْمُؤَخَّرِ وَاَلَّذِي أَخَّرْتَ مِنْ الْوَضْعِ الْمُقَدَّمُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يُعْرِبُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَلْزَمَ الْحَاكِمُ الْمُكَاتَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ مِنْ آخِرِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِذَلِكَ لِمَنْ صَارَ الْمَالُ لَهُ وَلَا يَضَعُ عَنْهُ إلَّا مَا يُحِيطُ أَنَّهُ وَضَعَ عَنْهُ بِحَالٍ وَهُوَ إذَا وَضَعَ عَنْهُ آخِرَهَا عَلَى إحَاطَةِ أَنَّهُ وَضَعَ الَّذِي وَضَعَ عَنْهُ أَوْ مَا قَبْلَهُ فَكَانَ الْآخِرُ بَدَلًا مِنْ الْأَوَّلِ.

وَإِذَا وَضَعَ السَّيِّدُ عَنْ الْمُكَاتَبِ أَوْ أَعْتَقَهُ فِي الْمَرَضِ فَالْعِتْقُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ فَهُوَ حُرٌّ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ فَوُضِعَ عَنْهُ مِنْ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْهُ عَلَى الْكِتَابَةِ.

وَمَتَى أَقَرَّ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ قَبَضَ نُجُومَ الْمُكَاتَبِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ بِقَبْضِ دَيْنٍ عَلَيْهِ.

وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى دَنَانِيرَ فَقَالَ قَدْ وَضَعْت عَنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ كِتَابَتِك لَمْ يَكُنْ وَضَعَ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ دَرَاهِمُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فَقَالَ قَدْ وَضَعْت عَنْك مِنْ كِتَابَتِك مِائَةَ دِينَارٍ وَإِنَّمَا قِيمَتُهَا مِثْلُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ وَضَعَ عَنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَضَعَ عَنْهُ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ صِنْفٍ كَاتَبَهُ عَلَيْهِ فَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ صِنْفِ غَيْرِهِ.

وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ كَاتَبْته عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقُلْت قَدْ وَضَعْت عَنْك خَمْسِينَ دِينَارًا أَعْنِي وَضَعْت عَنْك الْأَلْفَ وَهِيَ قِيمَةُ خَمْسِينَ دِينَارًا كَانَ وَضْعًا وَكَانَ الْمُكَاتَبُ حُرًّا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ هَذَا السَّيِّدُ فَادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ أَحَلَفْته مَا أَرَادَ هَذَا، وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَحَلَفْت الْوَرَثَةَ مَا عَلِمُوهُ أَرَادَ وَضْعَ الْأَلْفِ إنْ قَالَ: هِيَ قِيمَةُ خَمْسِينَ فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ لِلْمُكَاتَبِ أَنَّ سَيِّدَهُ قَالَ قَدْ اسْتَوْفَيْت مِنْهُ أَوْ قَالَ لِسَيِّدِهِ: أَلَسْت قَدْ وَفَّيْتُك؟ فَقَالَ بَلَى فَقَالَ الْمُكَاتَبُ هَذَا آخِرُ نُجُومِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ السَّيِّدِ، فَإِنْ قَالَ لَمْ يُوَفِّنِي إلَّا دِرْهَمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ - مَعَ يَمِينِهِ - وَقَوْلُ وَرَثَتِهِ إذَا مَاتَ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ أَبَدًا حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ وَفَّاهُ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ أَوْ كُلَّ كِتَابَتِهِ أَوْ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا فَيَلْزَمُهُ مَا أَثْبَتَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ اسْتَوْفَيْت آخِرَ كِتَابَتِك وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ فَالْقَوْلُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي حَيَاتِهِ، وَوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لَمْ تُثْبِتْهُ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَدْ قَالَ: اسْتَوْفَيْت مِنْك آخِرَ كِتَابَتِك إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ لَمْ يَكُنْ هَذَا اسْتِيفَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَثْنَى فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: قَدْ اسْتَوْفَيْت آخِرَ كِتَابَتِك إنْ شِئْت لَمْ يَكُنْ اسْتِيفَاءً؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ

الْمُكَاتَبُ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا كَاتَبَ الرَّجُلَانِ عَبْدًا لَهُمَا فَأَدَّى بَعْضَ نُجُومِهِ أَوْ لَمْ يُؤَدِّ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ فَنَصِيبُهُ مِنْهُ حُرٌّ كَمَا يَجُوزُ عِتْقُهُ أُمَّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَعَبْدَهُ الَّذِي لَا كِتَابَةَ لَهُ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>