للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْكٌ مِنْهُ لِحَقِّهِ فِي الْإِمَامَةِ وَلَا يَجُوزُ لِذِي سُلْطَانٍ وَلَا صَاحِبِ مَنْزِلٍ أَنْ يَؤُمَّ حَتَّى يَكُونَ يُحْسِنُ يَقْرَأُ مَا تَجْزِيهِ بِهِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَقْرَأُ مَا تَجْزِيه بِهِ الصَّلَاةُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَؤُمَّ وَإِنْ أَمَّ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ مِمَّنْ يُحْسِنُ هَذَا فَاسِدَةٌ وَهَكَذَا إذَا كَانَ السُّلْطَانُ، أَوْ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ مِمَّنْ لَيْسَ يُحْسِنُ يَقْرَأُ لَمْ تُجْزِئْ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ الصَّلَاةُ.

وَإِذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ ذَا سُلْطَانٍ وَذَا بَيْتٍ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَرِهْته لَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ إعَادَةٌ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي التَّقَدُّمِ إذَا كَانَ خَطَأً فَالصَّلَاةُ نَفْسُهَا مُؤَدَّاةٌ كَمَا تُجْزِئُ وَسَوَاءٌ إمَامَةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ الْعَبْدَ وَالْحُرَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَيِّدُهُ حَاضِرًا فَالْبَيْتُ بَيْتُ السَّيِّدِ وَيَكُونُ، أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وَإِذَا كَانَ السُّلْطَانُ فِي بَيْتِ رَجُلٍ كَانَ السُّلْطَانُ، أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ لِأَنَّ بَيْتَهُ مِنْ سُلْطَانِهِ.

وَإِذَا كَانَ مِصْرٌ جَامِعٌ لَهُ مَسْجِدٌ جَامِعٌ لَا سُلْطَانَ بِهِ فَأَيُّهُمْ أَمَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْقُرْآنِ لَمْ أَكْرَهْهُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ صَاحِبَ الْمَقْصُورَةِ جَاءَ إلَى ابْنِ عُمَرَ.

اجْتِمَاعُ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِهِمْ سَوَاءٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: قَالَ: لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): هَؤُلَاءِ قَوْمٌ قَدِمُوا مَعًا فَأَشْبَهُوا أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُمْ وَتَفَقُّهُهُمْ سَوَاءً فَأُمِرُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ وَبِذَلِكَ آمُرُهُمْ وَبِهَذَا نَأْخُذُ فَنَأْمُرُ الْقَوْمَ إذَا اجْتَمَعُوا فِي الْمَوْضِعِ لَيْسَ فِيهِمْ وَالٍ وَلَيْسُوا فِي مَنْزِلِ أَحَدٍ أَنْ يُقَدِّمُوا أَقْرَأَهُمْ وَأَفْقَهَهُمْ، وَأَسَنَّهُمْ فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ ذَلِكَ فِي وَاحِدٍ فَإِنْ قَدَّمُوا أَفْقَهَهُمْ إذَا كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ مِنْهُ مَا يَكْتَفِي بِهِ فِي صَلَاتِهِ فَحَسَنٌ وَإِنْ قَدَّمُوا أَقْرَأَهُمْ إذَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْ الْفِقْهِ مَا يَلْزَمُهُ فِي الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ.

وَيُقَدِّمُوا هَذَيْنِ مَعًا عَلَى مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا قِيلَ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ أَنَّ مَنْ مَضَى مِنْ الْأَئِمَّةِ كَانُوا يُسْلِمُونَ كِبَارًا فَيَتَفَقَّهُونَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَانُوا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ صِغَارًا قَبْلَ أَنْ يَتَفَقَّهُوا فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَنْ كَانَ فَقِيهًا إذَا قَرَأَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْئًا، أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَنُوبُهُ فِي الصَّلَاةِ مَا يَعْقِلُ كَيْفَ يَفْعَلُ فِيهِ بِالْفِقْهِ وَلَا يَعْلَمُهُ مَنْ لَا فِقْهَ لَهُ وَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ أَمَّهُمْ أَسَنُّهُمْ وَأَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَسَنُّهُمْ فِيمَا أَرَى - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنَّهُمْ كَانُوا مُشْتَبَهِي الْحَالِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ فَأَمَرَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ ذُو نَسَبٍ فَقَدَّمُوا غَيْرَ ذِي النَّسَبِ أَجْزَأَهُمْ وَإِنْ قَدَّمُوا ذَا النَّسَبِ اشْتَبَهَتْ حَالُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ كَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ مَنْزِلَةُ فَضْلٍ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» فَأُحِبُّ أَنْ يُقَدَّمَ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ اتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ فِيهِ لِذَلِكَ مَوْضِعٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ يُقَالُ يَؤُمُّهُمْ أَفْقَهُهُمْ فَإِنْ كَانُوا فِي الْفِقْهِ سَوَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>