للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يُفَكَّ إلَّا مَعًا كَانَ خَيْرًا لِلْمُرْتَهِنِ. وَالْآخَرُ: لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَرْهُونٌ كُلُّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

رَهْنُ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ الشَّيْئَيْنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَبْدَيْنِ أَوْ عَبْدًا وَدَارًا أَوْ عَبْدًا، وَمَتَاعًا بِمِائَةٍ فَقَضَاهُ خَمْسِينَ فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الرَّهْنِ شَيْئًا قِيمَتُهُ مِنْ الرَّهْنِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الرَّهْنِ أَوْ نِصْفُهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَلَا يُخْرِجُ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يُوَفِّيَهُ آخِرَ حَقِّهِ، وَهَكَذَا لَوْ رَهَنَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ طَعَامًا وَاحِدًا فَقَضَاهُ نِصْفَ حَقِّهِ فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ نِصْفَ الطَّعَامِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَلَا يَفُكُّ مِنْ الرَّهْنِ شَيْئًا إلَّا مَعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَجِّلُ بِالْقَضَاءِ الْتِمَاسَ فَكِّ جَمِيعِ الرَّهْنِ أَوْ مَوْضِعِ حَاجَتِهِ مِنْهُ. وَلَوْ كَانَ رَجُلَانِ رَهَنَا مَعًا شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ كُلِّهَا الْعَبِيدِ أَوْ الدُّورِ أَوْ الْأَرْضِينَ أَوْ الْمَتَاعِ بِمِائَةٍ فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ فَأَرَادَ الْقَاضِي وَالرَّاهِنُ مَعَهُ الَّذِي لَمْ يَقْضِ أَنْ يُخْرِجَ عَبْدًا مِنْ أُولَئِكَ الْعَبِيدِ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ رَهْنًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُرْتَهِنُ آخِرَ حَقِّهِ وَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا رَهَنَا خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ وَذَلِكَ نَصِيبُ الَّذِي قَضَى حَقَّهُ.

وَلَوْ كَانَ مَا رَهَنَا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ طَعَامًا سَوَاءً فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الرَّهْنِ، وَقَالَ الَّذِي أَدَعُ فِي يَدَيْك مِثْلُ مَا آخُذُ مِنْك بِلَا قِيمَةٍ فَذَلِكَ لَهُ، وَلَا يُشْبِهُ الِاثْنَانِ فِي الرَّهْنِ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْوَاحِدَ فَإِذَا رَهَنَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالطَّعَامَ الْوَاحِدَ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا وَرَضِيَ شَرِيكُهُ مُقَاسَمَتَهُ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَرِئَتْ حِصَّتُهُ كُلُّهَا مِنْ الرَّهْنِ وَأَنْ لَيْسَ فِي حِصَّتِهِ إشْكَالٌ إذْ مَا أَخَذَ مِنْهَا كَمَا بَقِيَ وَأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى أَنْ تَقُومَ بِغَيْرِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْبَسَ رَهْنُ أَحَدِهِمَا، وَقَدْ قُضِيَ مَا فِيهِ بِرَهْنِ آخَرَ لَمْ يَقْضِ مَا فِيهِ.

إذْنُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ فِي أَنْ يَرْهَنَ عَنْهُ مَا لِلْآذِنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرْهَنَ عَنْهُ عَبْدًا لِلْآذِنِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ بِكَمْ يَرْهَنُهُ أَوْ سَمَّى شَيْئًا يَرْهَنُهُ فَرَهَنَهُ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهُ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ، وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُسَمِّيَ مَالِكُ الْعَبْدِ مَا يَرْهَنُهُ بِهِ وَيَرْهَنُهُ الرَّاهِنُ بِمَا سَمَّى أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ مِمَّا أَذِنَ لَهُ بِهِ كَأَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَرَهَنَهُ بِخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ بِالْخَمْسِينَ وَأَكْثَرَ، وَلَوْ رَهَنَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَدِينَارٍ لَمْ يَجُزْ مِنْ الرَّهْنِ شَيْءٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْطَلَ الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ مِنْ الرَّهْنِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ لَمْ يَجُزْ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَرَهَنَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ بِمِائَةِ شَاةٍ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ لِلْخِلَافِ. وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: قَدْ أَذِنْت لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ. وَقَالَ مَالِكُ الْعَبْدِ مَا أَذِنْت لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ إلَّا بِخَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ وَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ.

وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَرَهَنَهُ بِهَا إلَى أَجَلٍ، وَقَالَ مَالِكُ الْعَبْدِ: لَمْ آذَنْ لَهُ إلَّا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ بِهَا نَقْدًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَالِكِ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ وَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَذِنْت لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ إلَى شَهْرٍ فَرَهَنَهُ إلَى شَهْرٍ وَيَوْمٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ. وَلَوْ قَالَ: ارْهَنْهُ بِمَا شِئْت فَرَهَنَهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ الرَّهْنُ مَفْسُوخًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِالضَّمَانِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْبُيُوعِ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ مَضْمُونًا فِي عُنُقِ عَبْدِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَ عَنْ غَيْرِهِ إلَّا مَا عَلِمَ قَبْلَ ضَمَانِهِ، وَلَوْ قَالَ: ارْهَنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَرَهَنَهُ بِهَا إلَى سَنَةٍ فَقَالَ أَرَدْت أَنْ يَرْهَنَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>