للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِيَةٌ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أَوْ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِبِلَادِ الْحَرْبِ الَّتِي لَا إسْلَامَ فِيهَا ظَاهِرٌ غَيْرُ مَعْمُودٍ بِالْقَتْلِ فَفِي ذَلِكَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وَلَا دِيَةَ.

. مَسْأَلَةُ مَالِ الْحَرْبِيِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا دَخَلَ الذِّمِّيُّ أَوْ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ مُسْتَأْمَنًا فَخَرَجَ بِمَالٍ مِنْ مَالِهِمْ يَشْتَرِي لَهُمْ شَيْئًا فَأَمَّا مَعَ الْمُسْلِمِ فَلَا نَعْرِضُ لَهُ وَيُرَدُّ إلَى أَهْلِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُ الْمُسْلِمِ بِهِ أَمَانًا لِلْكَافِرِ فِيهِ وَأَمَّا مَعَ الذِّمِّيِّ قَالَ الرَّبِيعُ " فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّا نَغْنَمُهُ لِأَنَّهُ لَا تَكُونُ كَيْنُونَتُهُ مَعَهُ أَمَانًا لَهُ مِنَّا لِأَنَّهُ إنَّمَا رُوِيَ «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» فَلَا يَكُونُ مَا مَعَ الذِّمِّيِّ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَمَانًا لِأَمْوَالِهِمْ وَإِنْ ظَنَّ الْحَرْبِيُّ الَّذِي بَعَثَ بِمَالِهِ مَعَهُ أَنَّ ذَلِكَ أَمَانٌ لَهُ كَمَا لَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ بِتِجَارَةٍ إلَيْنَا بِلَا أَمَانٍ مِنَّا كَانَ لَنَا أَنْ نَسْبِيَهُ وَنَأْخُذَ مَالَهُ وَلَا يَكُونُ ظَنُّهُ بِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ تَاجِرًا أَنَّ ذَلِكَ أَمَانٌ لَهُ وَلِمَالِهِ بِاَلَّذِي يُزِيلُ عَنْهُ حُكْمًا وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّا لَا نَغْنَمُ مَا مَعَ الذِّمِّيِّ مِنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَعْرِضَ لِلذِّمِّيِّ فِي مَالِهِ كَانَ مَا مَعَهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ لَهُ أَمَانٌ مِثْلُ مَالِهِ كَمَا لَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَكَانَ مَعَهُ مَالٌ لِنَفْسِهِ وَمَالٌ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ نَعْرِضْ لَهُ فِي مَالِهِ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ الْأَمَانِ وَلَا فِي الْمَالِ الَّذِي مَعَهُ لِغَيْرِهِ فَهَكَذَا لَمَّا كَانَ لِلذِّمِّيِّ أَمَانٌ مُتَقَدِّمٌ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ فِي مَالِهِ وَلَا فِي الْمَالِ الَّذِي مَعَهُ لِغَيْرِهِ مِثْلُ هَذَا سَوَاءٌ. وَاَللَّهَ نَسْأَلُ التَّوْفِيقَ بِرَحْمَتِهِ. وَكَانَ آخِرُ الْقَوْلَيْنِ أَشْبَهَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْأُسَارَى وَالْغُلُولُ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ إذَا أُسِرَ الْمُسْلِمُ فَكَانَ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ أَسِيرًا مُوثَقًا أَوْ مَحْبُوسًا أَوْ مُخْلًى فِي مَوْضِعٍ يَرَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَرَاحِ مِنْهُ أَوْ مَوْضِعِ غَيْرِهِ وَلَمْ يُؤَمِّنُوهُ وَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَيْهِ أَنَّهُمْ أَمَّنُوا مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ وِلْدَانِهِمْ وَنِسَائِهِمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَإِنْ أَمَّنُوهُ أَوْ بَعْضُهُمْ وَأَدْخَلُوهُ فِي بِلَادِهِمْ بِمَعْرُوفٍ عِنْدَهُمْ فِي أَمَانِهِمْ إيَّاهُ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُ آمِنِينَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقُولُوا قَدْ أَمَّنَاك وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك لِأَنَّا لَا نَطْلُبُ مِنْك أَمَانًا فَإِذَا قَالُوا هَذَا هَكَذَا كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَحِلُّ لَهُ اغْتِيَالُهُمْ وَالذَّهَابُ بِأَمْوَالِهِمْ وَإِفْسَادُهَا وَالذَّهَابُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ أَمَّنُوهُ وَخَلَّوْهُ وَشَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبْرَحَ بِلَادَهُمْ أَوْ بَلَدًا سَمَّوْهُ وَأَخَذُوا عَلَيْهِ أَمَانًا أَوْ لَمْ يَأْخُذُوا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَهْرُبُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ وَقَالَ وَإِذَا أَسَرَ الْعَدُوُّ الرَّجُلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ وَأَمَّنُوهُ وَوَلَّوْهُ مِنْ ضَيَاعِهِمْ أَوْ لَمْ يُوَلُّوهُ فَأَمَانُهُمْ إيَّاهُ أَمَانٌ لَهُمْ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْتَالَهُمْ وَلَا يَخُونَهُمْ وَأَمَّا الْهَرَبُ بِنَفْسِهِ فَلَهُ الْهَرَبُ فَإِنْ أَدْرَكَ لِيُؤْخَذَ فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ قَتَلَ الَّذِي أَدْرَكَهُ لِأَنَّ طَلَبَهُ غَيْرُ الْأَمَانِ فَيَقْتُلَهُ إنْ شَاءَ وَيَأْخُذُ مَالَهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْ طَلَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>