للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّهَادَاتِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِلشَّهَادَاتِ حُكْمًا وَحُكْمُهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يُقْطَعَ بِهَا بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ بِدَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ إجْمَاعٍ سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا} الْآيَةَ فَسَمَّى اللَّهُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْفَاحِشَةِ، وَالْفَاحِشَةُ هَا هُنَا - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - الزِّنَا وَفِي الزِّنَا أَرْبَعَةُ شُهُودٍ وَلَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ فِي الزِّنَا إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ لَا امْرَأَةَ فِيهِمْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الشُّهَدَاءِ الرِّجَالُ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الزِّنَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَعَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي الظَّاهِرِ مِنْ أَنَّهُمْ رِجَالٌ مُحْصَنُونَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ الْفَاحِشَةُ تَحْتَمِلُ الزِّنَا وَغَيْرَهُ فَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الزِّنَا دُونَ غَيْرِهِ؟ قِيلَ كِتَابُ اللَّهِ، ثُمَّ سُنَّةُ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ مَا لَا أَعْلَمُ عَالِمًا خَالَفَ فِيهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ يُمْسَكْنَ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، ثُمَّ نَزَلَتْ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» وَدَلَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ هَذَا الْحَدَّ إنَّمَا هُوَ عَلَى الزُّنَاةِ دُونَ غَيْرِهِمْ لَمْ أَعْلَمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى أَنْ لَا يُقْطَعَ الْحُكْمُ فِي الزِّنَا بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قِيلَ لَهُ: الْآيَتَانِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقَذَفَةِ {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} يَقُولُ: لَوْلَا جَاءُوا عَلَى مَنْ قَذَفُوا بِالزِّنَا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ بِمَا قَالُوا وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّنْزِيلِ السُّنَّةُ، ثُمَّ الْأَثَرُ، ثُمَّ الْإِجْمَاعُ (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ؛ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - «أَنَّ سَعْدًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت لَوْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ» (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَوْ قَتَلَهَا فَقَالَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ وَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ عُمَرَ بِالزِّنَا وَلَمْ يَثْبُتْ الرَّابِعُ فَحُدَّ الثَّلَاثَةُ وَلَمْ أَعْلَمْ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي أَنْ لَا يُقَامَ الْحَدُّ فِي الزِّنَا بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} حَتَّى مَا يُفْعَلُ بِهِنَّ مِنْ الْحَبْسِ، وَالْأَذَى

قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَمَّاهُنَّ مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخَاطَبُونَ بِالْفَرَائِضِ يَجْمَعُ هَذَا إنْ لَمْ يَقْطَعْ الْعِصْمَةَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ وَبَيْنَهُمْ فِي الزِّنَا وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ اسْمُهُ {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْسُوخَةٌ.

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ نَسَخَتْهَا {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} فَهُنَّ مِنْ أَيَامَى الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} يُشْبِهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ إذَا لَمْ تُقْطَعْ الْعِصْمَةُ بِالزِّنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>