الْمَسْجِدِ أَلْفٌ فَيَدَّعِيهِ عَلَيْهِمْ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُمْ زَحَمَهُ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ عَلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ زَحَمَهُ لَمْ يُعَرَّضْ لَهُمْ فِيهِ وَلَمْ نَجْعَلْ فِيهِ عَقْلًا وَلَا قَوَدًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا إنْ قُتِلَ بَيْنَ صَفَّيْنِ لَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ، وَهَكَذَا قَتْلُ الْجَمَاعَاتِ فِي هَذَا كُلِّهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اُدُّعِيَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْقَتِيلُ لَمْ يُقْسِمْ وَلِيُّ الدَّمِ عَلَيْهِ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِذَا أَقَرَّ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ كَانَ بِالْمَيِّتِ أَثَرُ سِلَاحٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ بِمَا لَا أَثَرَ لَهُ. فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ: إنَّمَا مَاتَ مَيِّتُكَ مِنْ مَرَضٍ كَانَ بِهِ أَوْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ بِصَاعِقَةٍ أَوْ مِيتَةٌ مَا كَانَتْ كَانَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْقَسَامَةُ بِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ بِمَا لَا أَثَرَ لَهُ وَلَوْ دَفَعْت الْقَسَامَةَ بِهَذَا دَفَعْتهَا بِأَنْ يَقُولَ: جَاءَنَا جَرِيحًا فَمَاتَ مِنْ جِرَاحِهِ عِنْدَنَا. .
نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالدَّمِ عَنْ الْأَيْمَانِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا لَمْ أَجْعَلْ لِوُلَاةِ الدَّمِ الْأَيْمَانَ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا أُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلَهُ فَإِذَا حَلَفَ بَرِيءَ مِنْ دَمِهِ وَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ قُتِلَ بِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَارِثُ الْعَقْلَ وَيَأْخُذَهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ الْعَفْوَ عَنْ الْعَقْلِ وَالْقَوَدِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قِيلَ لِلْوَارِثِ احْلِفْ خَمْسِينَ يَمِينًا لَقَتَلَهُ وَلَكَ الْقَوَدُ كَهُوَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ مَعْتُوهًا أَوْ صَبِيًّا لَمْ يَحْلِفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ فِي حَالِهِ تِلْكَ لَمْ أُلْزِمْهُ إقْرَارَهُ فَإِنْ أَفَاقَ الْمَعْتُوهُ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ أَحَلَفْتَهُ عَلَى دَعْوَى وَلِيِّ الدَّمِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَكَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ حَالَّةً إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا تَضْمَنُ عَاقِلَتُهُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّمَ عَنْ الْيَمِينِ وَامْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ الْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَكَذَا الدَّعْوَى فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ جِرَاحِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ لَا تَخْتَلِفُ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ خَطَأً حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْوَلِيُّ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى النَّاكِلِ وَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الدِّيَةِ عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا وَيُرَدِّدُ الْأَيْمَانَ عَلَى الَّذِي حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا حَتَّى يَتِمَّ عَلَيْهِ خَمْسُونَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ تَمَامَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَقَدْ قِيلَ: لَا يَبْرَأُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَوْ حَلَفَا مَعًا إلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا وَلَا يُحْسَبُ لَهُ يَمِينُ غَيْرِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَلَمْ يَنْكُلْ وَلَمْ يَحْلِفْ أَوْ حَلَفَ فَلَمْ يُتِمَّ الْأَيْمَانَ الَّتِي يَبْرَأُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّ الدَّمِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ الدَّمَ وَلَوْ نَكَلَ فِي حَيَاتِهِ عَنْ الْيَمِينِ كَانَ لِوَلِيِّ الدَّمِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ الدَّمَ. .
بَابُ دَعْوَى الدَّمِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اُدُّعِيَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا وَحْدَهُ أَوْ قَتَلَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ عَمْدًا فَقَدْ قِيلَ: لَا يَبْرَأُ إلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا. وَقِيلَ: يَبْرَأُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَمِينًا إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute