للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِهِ وَلِآخَرَ بِرُبُعِهِ، وَلَمْ تُجِزْ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ اقْتَسَمَ أَهْلُ الْوَصَايَا الثُّلُثَ عَلَى قَدْرِ مَا أُوصِيَ لَهُمْ بِهِ يُجَزَّأُ الثُّلُثُ ثَلَاثَةَ عَشْرَ جُزْءًا فَيَأْخُذُ مِنْهُ صَاحِبُ النِّصْفِ سِتَّةً وَصَاحِبُ الثُّلُثِ أَرْبَعَةً وَصَاحِبُ الرُّبُعِ ثَلَاثَةً، وَلَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ اقْتَسَمُوا جَمِيعَ الْمَالِ عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِمْ عَوْلُ نِصْفِ السُّدُسِ فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الْعَوْلِ نِصْفَ سُدُسِ وَصِيَّتِهِ وَاقْتَسَمُوا الْمَالَ كُلَّهُ كَمَا اقْتَسَمُوا الثُّلُثَ حَتَّى يَكُونُوا سَوَاءً فِي الْعَوْلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ غُلَامِي فُلَانٌ وَلِفُلَانٍ دَارِي وَوَصَفَهَا وَلِفُلَانٍ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمْ يَبْلُغْ هَذَا الثُّلُثَ، وَلَمْ تُجِزْهُ لَهُمْ الْوَرَثَةُ وَكَانَ الثُّلُثُ أَلْفًا وَالْوَصِيَّةُ أَلْفَيْنِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ خَمْسَمِائَةٍ وَقِيمَةُ دَارِهِ أَلْفًا وَالْوَصِيَّةُ خَمْسُمِائَةٍ دَخَلَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي وَصِيَّتِهِ عَوْلُ النِّصْفِ وَأَخَذَ نِصْفَ وَصِيَّتِهِ فَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْغُلَامِ نِصْفُ الْغُلَامِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ نِصْفُ الدَّارِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْخَمْسِمِائَةِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ دِينَارًا لَا تُجْعَلُ وَصِيَّةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُوصِيَ لَهُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إلَّا فِيمَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ، وَلَا يَخْرُجُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا مَا سَلَّمَهَا الْوَرَثَةُ فَإِنْ قَالَ الْوَرَثَةُ: لَا نُسَلِّمُ لَهُ مِنْ الدَّارِ إلَّا مَا لَزِمَنَا قِيلَ لَهُ ثُلُثُ الدَّارِ شَرِيكٌ لَكُمْ بِهَا إنْ شَاءَ وَشِئْتُمْ اقْتَسَمْتُمْ وَيُضْرَبُ بِقِيمَةِ سُدُسِ الدَّارِ الَّذِي جَازَ لَهُ مِنْ وَصِيَّتِهِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ يَكُونُ شَرِيكًا لَكُمْ بِهِ وَهَكَذَا الْعَبْدُ وَكُلُّ مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ بِعَيْنِهِ فَلَمْ تُسَلِّمْهُ لَهُ الْوَرَثَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الدَّارِ وَالشَّيْءِ بِعَيْنِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِدَارٍ فَقَالَ دَارِي الَّتِي كَذَا - وَوَصَفَهَا وَصِيَّةٌ - لِفُلَانٍ فَالدَّارُ لَهُ بِجَمِيعِ بِنَائِهَا وَمَا ثَبَتَ فِيهَا مِنْ بَابٍ وَخَشَبٍ وَلَيْسَ لَهُ مَتَاعٌ فِيهَا، وَلَا خَشَبٌ، وَلَا أَبْوَابٌ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ فِي الْبِنَاءِ، وَلَا لَبِنٌ، وَلَا حِجَارَةٌ، وَلَا آجُرٌّ لَمْ يُبْنَ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ مِنْ الدَّارِ حَتَّى يُبْنَى بِهِ فَيَكُونَ عِمَارَةً لِلدَّارِ ثَابِتَةً فِيهَا، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالدَّارِ فَانْهَدَمَتْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الدَّارِ وَكَانَ لَهُ مَا بَقِيَ لَمْ يَنْهَدِمْ مِنْ الدَّارِ وَمَا ثَبَتَ فِيهَا لَمْ يَنْهَدِمْ مِنْهَا مِنْ خَشَبٍ وَأَبْوَابٍ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ جَاءَ عَلَيْهَا سَيْلٌ فَذَهَبَ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ، أَوْ بَطَلَ مِنْهَا مَا ذَهَبَ مِنْ الدَّارِ وَهَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ فَمَاتَ، أَوْ اعَوَرَّ، أَوْ نَقَصَ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ فَذَهَبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ سِوَى مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ قَدْ ذَهَبَ وَهَكَذَا كُلُّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ بِعَيْنِهِ فَهَلَكَ، أَوْ نَقَصَ وَهَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ فَاسْتَحَقَّ عَلَى الْمُوصِي بِشَيْءٍ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ غَصْبٍ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِمَا لَا يَمْلِكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>