فَالْمَاءُ هَهُنَا وَغَيْرُ الْمَاءِ سَوَاءٌ فِيمَا يَحِلُّ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ؟ قَالَ نَعَمْ.
قُلْت: فَكَيْفَ لَا يَكُونُ هَكَذَا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى وَمَعَهُ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُلْت أَرَأَيْت الْمَرْأَةَ إذَا أُصِيبَتْ لَيْلًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ أَصْبَحَ الزَّوْجَانِ جُنُبَيْنِ أَيُفْسِدُ صَوْمَهُمَا أَوْ صَوْمَ الْمَرْأَةِ كَيْنُونَةُ الْمَاءِ فِيهَا؟ قَالَ لَا، قُلْت لَهُ فَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهَا ثُمَّ أَحْرَمَا جُنُبَيْنِ وَفِيهَا الْمَاءُ ثُمَّ حَجَّ بِهَا وَفِيهَا الْمَاءُ؟ قَالَ نَعَمْ.
قُلْت وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصِيبَهَا نَهَارًا وَلَا مُحْرِمًا حِينَ تَحَوَّلَتْ حَالُهُ وَلَا يَصْنَعُ الْمَاءَ فِي أَنْ يَحِلَّهَا لَهُ وَلَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ حَجًّا وَلَا صَوْمًا إذَا كَانَ مُبَاحًا ثُمَّ انْتَقَلَتْ حَالُهُمَا إلَى حَالَةٍ حَظَرَتْ إصَابَتَهَا فِيهِ شَيْئًا؟ قَالَ نَعَمْ فَقُلْت لَهُ: فَالْمَاءُ كَانَ فِيهِنَّ وَهُنَّ أَزْوَاجٌ يَحِلُّ ذَلِكَ فِيهِنَّ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ ثَلَاثًا فَانْتَقَلَ حُكْمُهُ وَحُكْمُهُنَّ إلَى أَنْ كَانَ غَيْرَ ذِي زَوْجَةٍ وَكُنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ غَيْرَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَلَا يَحْلُلْنَ لَهُ إلَّا بِانْقِضَاءِ عِدَّةٍ وَنِكَاحِ غَيْرِهِ وَطَلَاقِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَالْعِدَّةِ مِنْهُ وَالنِّسَاءُ سِوَاهُنَّ يَحْلُلْنَ لَهُ مِنْ سَاعَتِهِ فَحَرَّمْت عَلَيْهِ أَبْعَدَ النِّسَاءِ مِنْ أَنْ تَكُونَ زَوْجًا لَهُ إلَّا بِمَا يَحِلُّ لَهُ وَزَعَمْت أَنَّ الرَّجُلَ يَعْتَدُّ وَقَدْ خَالَفْت اللَّهَ بَيْنَ حُكْمِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَجَعَلَ إلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ وَأَنْ يُنْفِقَ وَزَعَمْت أَنْ لَيْسَ لَهُ مَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِ مَا فَرَضَتْ السُّنَّةُ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَأَنَّ عَلَيْهِ كُلَّ مَا جُعِلَ لَهُ وَعَلَيْهِ ثُمَّ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ فَأَدْخَلْته مَعَهَا فِيمَا جُعِلَ عَلَيْهَا دُونَهُ فَخَالَفْت أَيْضًا حُكْمَ اللَّهِ فَأَلْزَمْتهَا الرَّجُلَ وَإِنَّمَا جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَى الْمَرْأَةِ فَكَانَتْ هِيَ الْمُعْتَدَّةُ وَالزَّوْجُ الْمُطَلِّقُ أَوْ الْمَيِّتُ فَتَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ بِقَوْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ ثُمَّ قُلْت فِي عِدَّتِهِ قَوْلًا مُتَنَاقِضًا قَالَ وَمَا قُلْت؟ قُلْت إذَا جَعَلْت عَلَيْهِ الْعِدَّةَ كَمَا جَعَلْتهَا عَلَيْهَا أَفَيُحِدُّ كَمَا تُحِدُّ وَيَجْتَنِبُ مِنْ الطِّيبِ كَمَا تَجْتَنِبُ مِنْ الصَّبْغِ وَالْحُلِيُّ مِثْلَهَا؟ قَالَ لَا.
قُلْت وَيَعْتَدُّ مِنْ وَفَاتِهَا كَمَا تَعْتَدُّ مِنْ وَفَاتِهِ فَلَا يَنْكِحُ أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا حَتَّى تَأْتِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرِ وَعَشْرُ؟ قَالَ لَا قُلْت وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ قَبْلَ دَفْنِهَا أُخْتَهَا إنْ شَاءَ وَأَرْبَعًا سِوَاهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت لَهُ هَذَا فِي قَوْلِك يَعْتَدُّ مَرَّةً وَيَسْقُطُ عَنْهُ فِي عِدَّتِهِ اجْتِنَابُ مَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّةُ وَلَا يَعْتَدُّ أُخْرَى أَفَيُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ الْمُتَنَاقِضِ؟ وَمَا حُجَّتُك عَلَى جَاهِلٍ لَوْ قَالَ لَا تَعْتَدُّ مِنْ طَلَاقٍ وَلَكِنْ تَجْتَنِبُ الطِّيبَ وَتَعْتَدُّ مِنْ الْوَفَاةِ هَلْ هُوَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ فَيَكُونَ مِثْلَهَا فِي كُلِّ حَالٍ أَمْ لَا يَكُونُ فَلَا يَعْتَدُّ بِحَالٍ؟
مَا جَاءَ فِي نِكَاحِ الْمَحْدُودَيْنِ
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا وَاَلَّذِي يُشْبِهُهُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ هِيَ مَنْسُوخَةٌ نَسَخَتْهَا {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} فَهِيَ مِنْ أَيَامَى الْمُسْلِمِينَ فَهَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَعَلَيْهِ دَلَائِلُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إنَّهَا حَكَمٌ بَيْنَهُمَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي بَغَايَا مِنْ بَغَايَا الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ عَلَى مَنَازِلِهِمْ رَايَاتٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ هَذَا عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي إلَّا بِزَانِيَةٍ أَوْ مُشْرِكَةٍ وَالزَّانِيَةُ لَا يَزْنِي بِهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِهِ يَنْكِحُ أَيْ يُصِيبُ فَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتْ فِي بَغَايَا مِنْ بَغَايَا الْجَاهِلِيَّةِ فَحُرِّمْنَ عَلَى النَّاسِ إلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ زَانِيًا أَوْ مُشْرِكًا فَإِنْ كُنَّ عَلَى الشِّرْكِ فَهُنَّ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى زُنَاةِ الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِ زُنَاتِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute