اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كُلُّهُمْ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَعْضِ إمَارَتِهِ ثُمَّ قُدِّمَ الْقُنُوتُ عَلَى الرُّكُوعِ وَقَالَ لِيُدْرِكَ مَنْ سُبِقَ بِالصَّلَاةِ الرَّكْعَةَ.
بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ
(قَالَ): وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: يَقُومُ الْإِمَامُ وَتَقُومُ مَعَهُ طَائِفَةٌ فَيُكَبِّرُونَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وَيَسْجُدُونَ مَعَهُ فَيَنْفَلِتُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا حَتَّى يَقِفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَيَسْتَقْبِلُونَ التَّكْبِيرَ ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامُ رَكْعَةً أُخْرَى وَسَجْدَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ الْإِمَامُ فَيَنْفَلِتُونَ هُمْ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ وَلَا يَتَكَلَّمُوا فَيَقُومُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَأْتِي الْأُخْرَى فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً وُحْدَانًا ثُمَّ يُسَلِّمُونَ وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: يَقُومُ الْإِمَامُ وَالطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا إذَا كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَيُكَبِّرُ وَيُكَبِّرُونَ وَيَرْكَعُ وَيَرْكَعُونَ جَمِيعًا وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ وَيَقُومُ الصَّفُّ الْآخَرُ فِي وُجُوهِ الْعَدُوِّ فَإِذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَفَعَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ رُءُوسَهُمْ وَقَامُوا وَسَجَدَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ سُجُودِهِمْ قَامُوا ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ وَيَتَأَخَّرُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَيُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى كَذَلِكَ وَيُحَدِّثُ بِذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي دُبُرِ الْقِبْلَةِ قَامَ الْإِمَامُ وَصَفٌّ مَعَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالصَّفُّ الْآخَرُ مُسْتَقْبِلَ الْعَدُوِّ وَيُكَبِّرُ وَيُكَبِّرُونَ جَمِيعًا وَيَرْكَعُ وَيَرْكَعُونَ جَمِيعًا ثُمَّ يَسْجُدُ الصَّفُّ الَّذِي مَعَ الْإِمَامِ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَنْفَتِلُونَ فَيَسْتَقْبِلُونَ الْعَدُوَّ وَيَجِيءُ الْآخَرُونَ فَيَسْجُدُونَ وَيُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَيَرْكَعُونَ جَمِيعًا وَيَسْجُدُ مَعَهُ الصَّفُّ الَّذِي مَعَهُ ثُمَّ يَنْفَتِلُونَ فَيَسْتَقْبِلُونَ الْعَدُوَّ وَيَجِيءُ الْآخَرُونَ فَيَسْجُدُونَ وَيَفْرُغُونَ ثُمَّ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ وَهُمْ جَمِيعًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْخَوْفِ مُسَافِرًا جَعَلَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ وَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا يَقْرَأُ وَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ وَتَشَهَّدُوا وَسَلَّمُوا ثُمَّ انْصَرَفُوا وَقَامُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَكَبَّرُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي كَانَتْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ فَإِذَا جَلَسَ فِي التَّشَهُّدِ قَامُوا فَصَلَّوْا الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ ثُمَّ جَلَسُوا فَتَشَهَّدُوا فَإِذَا رَأَى الْإِمَامُ أَنْ قَدْ قَضَوْا تَشَهُّدَهُمْ سَلَّمَ بِهِمْ وَبِهَذَا الْمَعْنَى صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخَوْفِ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ خِلَافُ هَذَا وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ لَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَلَا سُتْرَةَ وَحَيْثُ لَا يَنَالُهُ النَّبْلُ وَكَانَ الْعَدُوُّ قَلِيلًا مَأْمُونِينَ وَأَصْحَابُهُ كَثِيرًا وَكَانُوا بَعِيدًا مِنْهُ لَا يَقْدِرُونَ فِي السُّجُودِ عَلَى الْغَارَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرُوا إلَى الرُّكُوبِ وَالِامْتِنَاعِ: صَلَّى بِأَصْحَابِهِ كُلِّهِمْ فَإِذَا رَكَعَ رَكَعُوا كُلُّهُمْ وَإِذَا رَفَعَ رَفَعُوا كُلُّهُمْ وَإِذَا سَجَدَ سَجَدُوا كُلُّهُمْ إلَّا صَفًّا يَكُونُونَ عَلَى رَأْسِهِ قِيَامًا فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ فَاسْتَوَى قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا فِي مَثْنًى اتَّبَعُوهُ فَسَجَدُوا ثُمَّ قَامُوا بِقِيَامِهِ وَقَعَدُوا بِقُعُودِهِ وَهَكَذَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ بِعُسْفَانَ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ وَكَانَ خَالِدٌ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ مُنْتَبِذًا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَحْرَاءَ مَلْسَاءَ لَيْسَ فِيهَا جَبَلٌ وَلَا شَجَرٌ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَلَمْ يَكُنْ خَالِدٌ فِيمَا نَرَى يَطْمَعُ بِقِتَالِهِمْ وَإِنَّمَا كَانَ طَلِيعَةً يَأْتِي بِخَبَرِهِمْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةٍ لَا يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ عَمْدًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute