عَتَقُوا، وَإِنْ رَقَّتْ رَقُّوا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا رَقِيقًا، وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً لِسَيِّدَةٍ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ، أَوْ غَيْرِ الْكِتَابَةِ فَسَوَاءٌ وَحُكْمُهُمْ بِأُمِّهِمْ دُونَهُ، وَكِتَابَةُ أُمِّهِمْ غَيْرُ كِتَابَتِهِ إنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ، وَإِنْ أَدَّى دُونَهَا عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حَمِيلًا عَنْهَا وَلَا هِيَ عَنْهُ.
تَسَرِّي الْمُكَاتَبِ وَوَلَدِهِ مِنْ سُرِّيَّتِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فِي كِتَابَتِهِ، ثُمَّ عَتَقَ لَمْ تَكُنْ أُمُّ وَلَدِهِ الَّتِي وَلَدَتْ بِوَطْءِ الْمُكَاتَبِ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا تَكُونُ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ بِوَطْءٍ بَعْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ مِلْكُهُ لِمَالِهِ حَتَّى يَعْتِقَ فَإِذَا عَتَقَ فَوَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا كَانَتْ بِهِ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ تَكُنْ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ.
وَإِذَا وَلَدَتْ لِلْمُكَاتَبِ جَارِيَتُهُ فِي الْكِتَابَةِ، أَوْ امْرَأَتُهُ اشْتَرَاهَا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا؛ لِأَنَّ امْرَأَتَهُ الَّتِي وَلَدَتْ بِالنِّكَاحِ لَا تَكُونُ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَاَلَّتِي بِوَطْءٍ فَاسِدٍ بِكُلِّ حَالٍ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْوَطْءِ الْفَاسِدِ كُلِّهِ، وَلَا تَكُونُ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ أَمَةٌ إلَّا أَمَةً وُطِئَتْ بِمِلْكٍ صَحِيحٍ لِلْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ وَلَوْ وَلَدَتْ بِوَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ، ثُمَّ وَلَدَتْ بِوَطْءِ الْحُرِّيَّةِ كَانَ بَعْدَ عِتْقِ سَيِّدِهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ لَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ لَوْ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهَا، وَلَمْ تَعْتِقْ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ إيَّاهَا، وَهُوَ مُكَاتَبٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ يُمْنَعُ بَيْعُهَا، وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ أَضْعَفُ مِنْ الْعِتْقِ، وَلَيْسَ كَالْحُرِّ يَطَأُ الْأَمَةَ يَمْلِكُ بَعْضَهَا مِلْكًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ هَذِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ وَنَصِيبُ صَاحِبِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِذَا جَنَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ فَهِيَ كَأَمَةٍ مِنْ إمَائِهِ يَبِيعُهَا إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهَا كَمَا يَفْدِي رَقِيقَهُ
وَلَدُ الْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَاذَا وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَلَدَهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَمَتَهُ مَتَى شَاءَ، فَإِذَا عَتَقَ عَتَقَ وَلَدُهُ مَعَهُ. وَإِذَا عَتَقَ لَمْ تَكُنْ أُمُّ وَلَدِهِ فِي حُكْمِ أُمِّ وَلَدٍ بِذَلِكَ كَمَا وَصَفْت فَكَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَمَا جُنِيَ عَلَى الْمَوْلُودِ، أَوْ كَسَبَ أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ وَاسْتَعَانَ بِهِ الْأَبُ فِي كِتَابَتِهِ إنْ شَاءَ.
وَإِذَا اشْتَرَى وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ أَوْ وَالِدَتَهُ الَّذِينَ يَعْتِقُونَ عَلَى مَنْ يَمْلِكُهُمْ مِنْ الْأَحْرَارِ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّ شِرَاءَهُمْ إتْلَافٌ لِمَالِهِ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ مَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ، وَلَوْ وُهِبُوا لَهُ، أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِمْ، أَوْ تُصُدِّقَ بِهِمْ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَوُقِفُوا مَعَهُ فَإِنْ عَتَقَ عَتَقُوا يَوْمَ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَئِذٍ يَصِحُّ لَهُ مِلْكُهُمْ، وَإِنْ رَقَّ فَهُمْ رَقِيقٌ لِسَيِّدِهِ وَلَا يُبَاعُونَ، وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ عَجَزَ عَنْهُ، ثُمَّ مَاتَ رُدُّوا رَقِيقًا، وَإِنْ قَالُوا: نَحْنُ نُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ لَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ، وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَأْخُذَ مَالًا إنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ فَيُؤَدِّيَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ جُنِيَتْ عَلَيْهِمْ جِنَايَةٌ لَهَا أَرْشٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُمْ، وَيَأْخُذَ أُجُورَ أَعْمَالِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ فِي مِثْلِ مَعْنَى مَالِهِ حَتَّى يَعْتِقَ، فَإِذَا عَتَقَ عَتَقُوا حِينَ يَتِمُّ عِتْقُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُعْتِقَ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَدًا؛ لِأَنَّهُمْ مَوْقُوفُونَ عَلَى أَنْ يَعْجِزَ فَيَكُونُوا رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ، وَلَا لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعْتِقَ وَاحِدًا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ جُنِيَ عَلَيْهِمْ أَوْ كَسَبُوا كَانَ لِلْمُكَاتَبِ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ، فَإِنْ أَجْمَعَا مَعًا عَلَى عِتْقِهِمْ جَازَ عِتْقُهُمْ.
وَإِذَا وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ فَقَالَ السَّيِّدُ: وُلِدَ لَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: وُلِدَ بَعْدَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute