الْأَزْوَاجِ وَمَا مَلَكَتْ الْأَيْمَانُ وَبَيِّنٌ أَنَّ الْأَزْوَاجَ وَمِلْكَ الْيَمِينِ مِنْ الْآدَمِيَّاتِ دُونَ الْبَهَائِمِ ثُمَّ أَكَّدَهَا فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} فَلَا يَحِلُّ الْعَمَلُ بِالذَّكَرِ إلَّا فِي الزَّوْجَةِ أَوْ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا يَحِلُّ الِاسْتِمْنَاءُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} مَعْنَاهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِيَصْبِرُوا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} لِيَكُفَّ عَنْ أَكْلِهِ بِسَلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ وَكَانَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} بَيَانٌ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا الرِّجَالُ لَا النِّسَاءُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَكُونَ مُتَسَرِّيَةً بِمَا مَلَكَتْ يَمِينُهَا لِأَنَّهَا مُتَسَرَّاةٌ أَوْ مَنْكُوحَةٌ لَا نَاكِحَةٌ إلَّا بِمَعْنَى أَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ وَدَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ إتْيَانِ الْبَهَائِمِ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَةَ بِإِحْلَالِ الْفَرْجِ فِي الْآدَمِيَّاتِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِنَّ الْعِدَّةُ وَلَهُنَّ الْمِيرَاثُ مِنْهُمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ فَرَائِضِ الزَّوْجَيْنِ.
الِاخْتِلَافُ فِي الدُّخُولِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا مَلَكَ الرَّجُلُ عُقْدَةَ الْمَرْأَةِ فَأَرَادَ الدُّخُولَ بِهَا فَإِنْ كَانَ مَهْرُهَا حَالًّا أَوْ بَعْضُهُ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى الدُّخُولِ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْفَعَ الْحَالَّ مِنْهُ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَ دَيْنًا كُلَّهُ أُجْبِرَتْ عَلَى الدُّخُولِ عَلَيْهِ مَتَى شَاءَ لَا وَقْتَ لَهَا فِي ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ لِتُصْلِحَ أَمْرَهَا وَنَحْوَهُ لَا يُجَاوِزُ بِهَا ثَلَاثًا إذَا كَانَتْ بَالِغًا وَيُجَامَعُ مِثْلُهَا وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَمْلُوكَةُ وَالْحُرَّةُ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْحُرَّةِ وَلَا لِسَيِّدِ الْأَمَةِ مَنْعُهُ إيَّاهَا إذَا دَفَعَ صَدَاقَهَا إنْ كَانَ حَالًّا أَوْ مَا كَانَ حَالًّا مِنْهُ قَالَ وَلَا يُؤَجَّلُ الرَّجُلُ فِي الصَّدَاقِ إلَّا مَا يُؤَجَّلُ فِي دَيْنِ النَّاسِ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَمَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ وَيُحْبَسُ فِيهِ كَمَا يُحْبَسُ فِي الدُّيُونِ لَا افْتِرَاقَ فِي ذَلِكَ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ بَالِغًا أَوْ مُقَارِبَةَ الْبُلُوغِ أَوْ جَسِيمَةً يَحْتَمِلُ مِثْلُهَا أَنْ يُجَامَعَ فَإِذَا كَانَتْ لَا تَحْتَمِلُ أَنْ تُجَامَعَ فَلِأَهْلِهَا مَنْعُهَا الدُّخُولَ حَتَّى تَحْتَمِلَ الْجِمَاعَ وَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ دَفْعُ صَدَاقِهَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَلَا نَفَقَتَهَا حَتَّى تَكُونَ فِي الْحَالِ الَّتِي يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَالَ وَمَتَى كَانَتْ بَالِغًا فَقَالَ لَا أَدْفَعُ الصَّدَاقَ حَتَّى تُدْخِلُوهَا وَقَالُوا لَا نَدْفَعُهَا حَتَّى تَدْفَعَ الصَّدَاقَ فَأَيُّهُمَا تَطَوَّعَ أَجْبَرَتْ الْآخَرَ عَلَى مَا عَلَيْهِ فَإِنْ تَطَوَّعَ الزَّوْجُ بِدَفْعِ الصَّدَاقِ أَجْبَرَتْ أَهْلَهَا عَلَى إدْخَالِهَا وَإِنْ تَطَوَّعَ أَهْلُهَا بِإِدْخَالِهَا أَجْبَرَتْ الزَّوْجَ عَلَى دَفْعِ الصَّدَاقِ قَالَ وَإِنْ امْتَنَعُوا مَعًا أَجْبَرَتْ أَهْلَهَا عَلَى وَقْتٍ يُدْخِلُونَهَا فِيهِ وَأَخَذَتْ الصَّدَاقَ مِنْ زَوْجِهَا فَإِنْ دَخَلَتْ دَفَعْته إلَيْهَا وَجَعَلْت لَهَا النَّفَقَةَ إذَا قَالُوا نَدْفَعُهَا إلَيْهِ إذَا دَفَعَ الصَّدَاقَ إلَيْنَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَتْ بَالِغًا مُضْنُوًّا أُجْبِرَتْ عَلَى الدُّخُولِ وَكُلُّ امْرَأَةٍ تَحْتَمِلُ أَنْ تُجَامَعَ قَالَ فَإِنْ كَانَتْ مَعَ هَذَا مُضْنَاةً مِنْ مَرَضٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا أُمْهِلَتْ حَتَّى تَصِيرَ إلَى الْحَالِ الَّتِي يُجَامَعُ مِثْلُهَا ثُمَّ تُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ وَمَتَى أَمْهَلْتهَا بِالدُّخُولِ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى دَفْعِ الصَّدَاقِ قَالَ وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَأَصَابَهَا فَأَفْضَاهَا ثُمَّ لَمْ يَلْتَئِمْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا كَامِلَةً وَهِيَ امْرَأَتُهُ بِحَالِهَا وَلَهَا الْمَهْرُ تَامًّا وَلَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ أَنْ يُصِيبَهَا فِي الْفَرْجِ حَتَّى تَبْرَأَ الْبُرْءَ الَّذِي إذَا عَادَ لِإِصَابَتِهَا لَمْ يَنْكَأْهَا وَلَمْ يَزِدْ فِي جُرْحِهَا ثُمَّ عَلَيْهَا إنْ بَرِئَتْ أَنْ تُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهَا مَا زَعَمَتْ أَنَّ الْعِلَّةَ قَائِمَةٌ فَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ فَكَانَ النِّسَاءُ يُدْرِكْنَ عِلْمَهُ فَإِنْ قُلْنَ إنَّهَا قَدْ بَرِئَتْ وَإِنَّ الْإِصَابَةَ لَا تَضُرُّهَا أُجْبِرَتْ عَلَى التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إصَابَتِهَا قَالَ وَإِنْ صَارَتْ إلَى حَالٍ لَا يُجَامَعُ مَنْ صَارَ إلَيْهَا أَخَذَتْ صَدَاقَهَا وَدِيَتَهَا وَقِيلَ هِيَ امْرَأَتُك فَإِنْ شِئْت فَطَلِّقْ وَإِنْ شِئْت فَأَمْسِكْ وَاجْتَنِبْهَا إذَا كَانَ مِثْلُهَا لَا يُجَامَعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute