يُسَلِّفَ فِي الْحَيَوَانِ كُلِّهِ قِيَاسًا عَلَى هَذَا، وَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا لَا يَسْتَسْلِفُ الْحَيَوَانَ، وَلَا يُسَلِّفَ فِيهِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَ السَّلَفَ فِيهِ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ نَرَ فِي وَاحِدٍ دُونَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةً مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الرَّبِيعُ): مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ هَا هُنَا قَرْضُ الْأَمَةِ خَاصَّةً لِأَنَّ لَهُ أَخْذَهَا مِنْهُ فَأَمَّا الْعَبْدُ فَيَجُوزُ، وَقَالَ: هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. .
بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَأَخَذْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ بِهِ وَإِنَّمَا أَخَذْنَا نَحْنُ بِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْمَكِّيِّينَ مُتَّصِلًا صَحِيحًا وَخَالَفَنَا فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ فَمَا احْتَجَّ فِي شَيْءٍ مِنْهُ قَطُّ عَلِمْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ حُجَجِهِ فِيهِ، وَفِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مَعَهُ فَزَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَقَالَهُ عُمَرُ فَكَانَ هَذَا دَلَالَةً عَلَى أَنْ لَا تَجُوزَ يَمِينٌ إلَّا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعٍ، وَاحْتَجَّ بِابْنِ شِهَابٍ وَعَطَاءٍ وَعُرْوَةَ وَهُمَا رَجُلَا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي زَمَانِهِمَا أَنْكَرَاهُ غَايَةَ النُّكَرَة، وَاحْتَجَّ بِأَنْ لَمْ يُحْفَظْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ فِيهِ شَيْءٌ يُوَافِقُهُ، وَلَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ عِنْدَهُ، وَلَا عَنْ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ وَلَا عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَلَا الْقَاسِمِ وَلَا أَكْثَرِ التَّابِعِينَ وَبِأَنَّا أَحَلَفْنَا فِي الْمَالِ وَلَمْ نُحَلِّفْ فِي غَيْرِهِ، وَأَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: إنَّمَا أَخَذْنَا بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَنَّا وَجَدْنَاهُ فِي كُتُبِ سَعْدٍ وَقَالَ: تَأْخُذُونَ بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ بِأَنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فِي كِتَابٍ وَتَرُدُّونَ الْأَحَادِيثَ الْقَائِمَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَكَانَتْ حُجَّتِي عَلَيْهِ أَنْ قُلْت: الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَابِتَةٌ وَمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ يُوهِنْهُ أَنْ لَا يُوجَدَ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَلَمْ يُتَأَوَّلْ مَعَهُ قُرْآنٌ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ أَنْ أَنْكَرَهُ عُرْوَةُ وَابْنُ شِهَابٍ وَعَطَاءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِنْكَارِ حُجَّةٌ إنَّمَا الْحُجَّةُ فِي الْخَبَرِ لَا فِي الْإِنْكَارِ، وَرَأَيْنَا هَذَا لَنَا حُجَّةً ثَابِتَةً فَإِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا يَكُونُ لَنَا حُجَّةٌ فَعَلَيْك مِثْلُهُ، وَأَحْرَى وَأَوْلَى أَنْ لَا يُوجَدَ عَلَيْهِ مَا يُوهِنُهُ مِنْهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» فَأَخَذْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقُلْنَا: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ امْرَأً لَا يَحْلِفُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَجْبُورًا عَلَى الْيَمِينِ لَا مُتَطَوِّعًا بِهَا، وَإِنَّمَا يَجْبُرُ النَّاسَ عَلَى الْأَيْمَانِ الْحُكَّامُ، وَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا وَاحْتَجَّ فِيهِ بِأَنْ قَالَ: هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ بِالْحِفْظِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نِسْطَاسٍ لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَوْ احْتَجَجْنَا عَلَيْكُمْ بِمِثْلِ هَذَا رَدَدْتُمُوهُ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَلَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَقَدْ يَتَطَوَّعُ الرَّجُلُ فَيَحْلِفُ عَلَى الْمِنْبَرِ كَمَا يَتَطَوَّعُ فَيَحْلِفُ بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَلَمْ يُسْتَحْلَفْ لَمْ تَحْفَظُوا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا غَيْرِهِ أَنَّهُ أَحَلَفَ أَحَدًا عَلَى مِنْبَرٍ فِي غُرْمٍ وَلَا غَيْرِهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَاعَنَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَحُكِيَ اللِّعَانُ، وَلَمْ يُحْكَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: أَوْ رَأَيْت أَهْلَ الْبُلْدَانِ أَيُجْلَبُونَ إلَى الْمَدِينَةِ أَوْ يَحْلِفُونَ بِبُلْدَانِهِمْ؟ فَكَيْفَ تَكُونُ الْأَيْمَانُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute