فَجَعَلْت لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ كُنْت قَدْ أَدْخَلْت عَلَى الْبَائِعِ ضَرَرًا فِي أَنْ يُقْلِعَ مَا فِي رَكِيبِهِ وَأَرْضِهِ الَّتِي اشْتَرَى ثُمَّ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ فَيَبْطُلُ أَكْثَرُهُ عَلَى الْبَائِعِ.
(قَالَ): وَهَذَا يُخَالِفُ الْعَبْدَ يُشْتَرَى غَائِبًا وَالْمَتَاعَ وَذَلِكَ أَنَّهُمَا قَدْ يَرَيَانِ فَيَصِفُهُمَا لِلْمُشْتَرِي مَنْ يَثِقُ بِهِ فَيَشْتَرِيَهُمَا ثُمَّ يَكُونُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ ضَرَرٌ فِي رُؤْيَةِ الْمُشْتَرِي لَهُمَا كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِيمَا قُلِعَ مِنْ زَرْعِهِ وَلَوْ أَجَزْت بَيْعَهُ عَلَى أَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْبٌ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ كَانَ فِيهِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْمُخْتَلِفُ الْخِلْقَةِ فَكَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَ وَأَلْزَمْته مَا لَمْ يَرْضَ بِشِرَائِهِ قَطُّ، وَلَوْ أَجَزْته عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهُ عَلَى صِفَةٍ مَوْزُونًا كُنْت أَجَزْت بَيْعَ الصِّفَاتِ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ وَإِنَّمَا تُبَاعُ الصِّفَةُ مَضْمُونَةً.
(قَالَ): وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ مَوْصُوفٍ مَوْزُونٍ، فَجَاءَ بِهِ عَلَى الصِّفَةِ جَازَ السَّلَفُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِهِ يَأْتِي بِهِ حَيْثُ شَاءَ لَا مِنْ أَرْضٍ قَدْ يُخْطِئُ زَرْعَهَا وَيُصِيبُ فَلَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا بَيْعٌ إلَّا بِصِفَةِ مَضْمُونٍ مَوْزُونٍ أَوْ حَتَّى يُقْلَعَ فَيَرَاهُ الْمُشْتَرِي.
(قَالَ): وَلَا يُشْبِهُ الْجَوْزَ، وَالْبَيْضَ وَمَا أَشْبَهَهُ هَذَا لَا صَلَاحَ لَهُ فِي الْأَرْضِ إلَّا بِالْبُلُوغِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَبْقَى مَا بَقِيَ مِنْهُ وَيُبَاعُ مَا لَا يَبْقَى مِثْلُ الْبَقْلِ، وَذَلِكَ لَا صَلَاحَ لَهُ، إلَّا بِبَقَائِهِ فِي قِشْرِهِ، وَذَلِكَ إذَا رُئِيَ قِشْرُهُ اُسْتُدِلَّ عَلَى قَدْرِهِ فِي دَاخِلِهِ وَهَذَا لَا دَلَالَةَ عَلَى دَاخِلِهِ، وَإِنْ رُئِيَ خَارِجُهُ قَدْ يَكُونُ الْوَرَقُ كَبِيرًا وَالرَّأْسُ صَغِيرًا وَكَبِيرًا.
بَابُ مَا اُشْتُرِيَ مِمَّا يَكُونُ مَأْكُولُهُ دَاخِلَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): مَنْ اشْتَرَى رَانِجًا، أَوْ جَوْزًا، أَوْ لَوْزًا، أَوْ فُسْتُقًا أَوْ بَيْضًا فَكَسَرَهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا أَوْ مَعِيبًا فَأَرَادَ رَدَّهُ وَالرُّجُوعَ بِثَمَنِهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَالرُّجُوعَ بِثَمَنِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى مَعْرِفَةِ عَيْبِهِ وَفَسَادِهِ، وَصَلَاحِهِ إلَّا بِكَسْرِهِ، وَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ قَصْدُهُ بِالْبَيْعِ دَاخِلَهُ فَبَائِعُهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلٌ.
(قَالَ): وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ انْبَغَى أَنْ يَقُولَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْكَاسِرِ أَنْ يَرُدَّ الْقِشْرَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ، وَإِنْ قُلْت إنْ كَانَ يَسْتَمْتِعُ بِهِ كَمَا يَسْتَمْتِعُ بِقِشْرِ الرَّانِجِ وَيَسْتَمْتِعُ بِمَا سِوَاهُ أَوْ يَرُدُّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أُقِيمَ قِشْرُهَا فَكَانَتْ لِلْقِشْرِ قِيمَةٌ مِنْهُ وَدَاخِلُهُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ وَطَرَحَ عَنْهُ حِصَّةَ مَا لَمْ يَرُدَّهُ مِنْ قِشْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِالْبَاقِي وَلَوْ كَانَتْ حِصَّةُ الْقِشْرِ سَهْمًا مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ مِنْهُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي إنَّهُ إذَا كَسَرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ، وَيَرْجِعَ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَقِيمَتِهِ فَاسِدًا، وَبَيْضُ الدَّجَاجِ كُلُّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ قِشْرَهُ لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَإِذَا كَسَرَهُ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَأَمَّا بَيْضُ النَّعَامِ فَلِقِشْرَتِهِ ثَمَنٌ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ قِشْرَتَهَا رُبَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ ثَمَنًا مِنْ دَاخِلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ قِشْرَتَهَا صَحِيحَةً رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا غَيْرَ فَاسِدَةٍ وَقِيمَتِهَا فَاسِدَةً، وَفِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَرُدُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى سِرِّهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَفْسَدَهَا بِالْكَسْرِ، وَقَدْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى كَسْرٍ لَا يُفْسِدُ، فَيَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَلَا يَرُدُّهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْخِرْبِزُ وَمَا رَطُبَ فَإِنَّهُ يَذُوقُهُ بِشَيْءٍ دَقِيقٍ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ عُودٍ فَيُدْخِلُهُ فِيهِ فَيَعْرِفُ طَعْمَهُ إنْ كَانَ مُرًّا أَوْ كَانَ الْخِرْبِزُ حَامِضًا فَلَهُ رَدُّهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي نَقْبِهِ فِي الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا فَسَادَ فِي النَّقْبِ الصَّغِيرِ عَلَيْهِ. وَكَانَ يَلْزَمُ مَنْ قَالَ لَا يَرُدُّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute