يَرْفَعُهُ كَمَا وَصَفْت غَيْرَ أَنْ يَعْمِدَ رَفْعَ وَسَطِهِ عَنْ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ أَدَّبَ اللَّهُ تَعَالَى النِّسَاءَ بِالِاسْتِتَارِ وَأَدَّبَهُنَّ بِذَلِكَ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُحِبُّ لِلْمَرْأَةِ فِي السُّجُودِ أَنْ تَضُمَّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَتُلْصِقَ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا وَتَسْجُدَ كَأَسْتَرِ مَا يَكُونُ لَهَا وَهَكَذَا أُحِبُّ لَهَا فِي الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ وَجَمِيعِ الصَّلَاةِ أَنْ تَكُونَ فِيهَا كَأَسْتَرِ مَا يَكُونُ لَهَا وَأُحِبُّ أَنْ تَكْفِتَ جِلْبَابَهَا وَتُجَافِيَهُ رَاكِعَةً وَسَاجِدَةً عَلَيْهَا لِئَلَّا تَصِفَهَا ثِيَابُهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَكُلُّ مَا وَصَفْت اخْتِيَارٌ لَهُمَا كَيْفَمَا جَاءَا مَعًا بِالسُّجُودِ وَالرُّكُوعِ أَجْزَأَهُمَا إذَا لَمْ يُكْشَفْ شَيْءٌ مِنْهُمَا.
بَابُ الذِّكْرِ فِي السُّجُودِ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَجَدَ قَالَ اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت وَلَك أَسْلَمْت وَبِك آمَنَتْ أَنْتَ رَبِّي سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَلَا إنِّي نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا وَسَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهَدُوا فِيهِ مِنْ الدُّعَاءِ فَقَمِنَ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنِي الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ " أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إذَا كَانَ سَاجِدًا أَلَمْ تَرَ إلَى قَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} يَعْنِي افْعَلْ وَاقْرَبْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُشْبِهُ مَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مَا قَالَ وَأُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ الرَّجُلُ فِي السُّجُودِ بِأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا ثُمَّ يَقُولُ مَا حَكَيْت أَنْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُهُ فِي سُجُودِهِ وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ فِيهِ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ مَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا فَيُثْقِلُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ، أَوْ مَأْمُومًا فَيُخَالِفُ إمَامَهُ وَيَبْلُغُ مِنْ هَذَا إمَامًا مَا لَمْ يَكُنْ ثِقْلًا وَمَأْمُومًا مَا لَمْ يُخَالِفْ الْإِمَامَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ تَرَكَ هَذَا تَارِكٌ كَرِهْته لَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَيْهِ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ سَوَاءٌ وَلَكِنْ آمُرُهَا بِالِاسْتِتَارِ دُونَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِأَنْ تَضُمَّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ فِي رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ وَوَضْعِهِ إذَا أَخَذَ فِي التَّكْبِيرِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ أَخَذَ فِي التَّكْبِيرِ وَانْحَطَّ فَيَكُونُ مُنْحَطًّا لِلسُّجُودِ مُكَبِّرًا حَتَّى يَكُونَ انْقِضَاءُ تَكْبِيرِهِ مَعَ سُجُودِهِ ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْقِيَامَ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ كَبَّرَ مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ حَتَّى يَكُونَ انْقِضَاءُ تَكْبِيرِهِ مَعَ قِيَامِهِ وَإِذَا أَرَادَ الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ قَبْلَ ذَلِكَ حَذَفَ التَّكْبِيرَ حَتَّى يَكُونَ انْقِضَاؤُهُ مَعَ اسْتِوَائِهِ جَالِسًا وَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ فِي الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ وَالْقَوْلِ الَّذِي أَمَرْته بِهِ عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ تَرَكَ فَضْلًا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
بَابُ الْجُلُوسِ إذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
وَالْجُلُوسُ مِنْ الْآخِرَةِ لِلْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute