وَالْبَغْلِ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ لَحْمُهُمَا لِلْمَنْفَعَةِ فِيهِمَا وَيَقُولُونَ: لَوْ زَعَمْنَا أَنَّ ثَمَنَهُ لَا يَحِلُّ زَعَمْنَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ وَيَقُولُونَ أَشْبَاهًا لِهَذَا كَثِيرَةً فَيَزْعُمُونَ أَنَّ مَاشِيَةً لِرَجُلٍ لَوْ مَاتَتْ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْلُخَ جُلُودَهَا فَيَدْبُغَهَا فَإِذَا دُبِغَتْ حَلَّ بَيْعُهَا وَلَوْ اسْتَهْلَكَهَا رَجُلٌ قَبْلَ الدَّبَّاغِ لَمْ يَضْمَنْ لِصَاحِبِهَا شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ ثَمَنُهَا حَتَّى تُدْبَغَ وَيَقُولُونَ فِي الْمُسْلِمِ يَرِثُ الْخَمْرَ أَوْ تُوهَبُ لَهُ لَا تَحِلُّ إلَّا بِأَنْ يُفْسِدَهَا فَيَجْعَلَهَا خَلًّا فَإِذَا صَارَتْ خَلًّا حَلَّ ثَمَنُهَا وَلَوْ اسْتَهْلَكَهَا مُسْتَهْلِكٌ وَهِيَ خَمْرٌ أَوْ بَعْدَ مَا أُفْسِدْت وَقَبْلَ أَنْ تَصِيرَ خَلًّا لَمْ يَضْمَنْ ثَمَنَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّ أَصْلَهَا مُحَرَّمٌ وَلَمْ تَصِرْ خَلًّا لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ مَا يَقُولُونَ: وَإِنَّمَا صَارُوا مَحْجُوجِينَ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ الَّذِي ثَبَتْنَاهُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَهُمْ لَا يُثْبِتُونَهُ وَأَنْتُمْ مَحْجُوجُونَ بِأَنَّكُمْ لَمْ تَتَّبِعُوهُ وَأَنْتُمْ تُثْبِتُونَهُ وَلَا تَجْعَلُونَ لِلْكَلْبِ ثَمَنًا إذَا كَانَ حَيًّا وَتَجْعَلُونَ فِيهِ ثَمَنًا إذَا كَانَ مَيِّتًا أَوْ رَأَيْتُمْ لَوْ قَالَ لَكُمْ قَائِلٌ: لَا أَجْعَلُ لَهُ ثَمَنًا إذَا قُتِلَ لِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ وَأُجِيزَ أَنْ يُبَاعَ حَيًّا مَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ وَكَانَ حَلَالًا أَنْ يُتَّخَذَ هَلْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا كَانَ لَهُ مَالِكٌ وَكَانَ لَهُ ثَمَنٌ فِي حَيَاتِهِ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ فِي إحْدَى الْحَالَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ فِي الْأُخْرَى. .
بَابُ الزَّكَاةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» قَالَ: وَبِهَذَا نَقُولُ وَتَقُولُونَ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ خَالَفْتُمُوهُ فِي مَعَانٍ وَقَدْ زَعَمْتُمْ وَزَعَمْنَا أَنْ لَا يُضَمَّ صِنْفُ طَعَامٍ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّا إذَا ضَمَمْنَاهَا فَقَدْ أَخَذْنَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ حَتَّى تَكُونَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَضُمُّونَ الْحِنْطَةَ وَالسُّلْتَ وَالشَّعِيرَ مَعًا لِأَنَّ سَعْدًا لَمْ يُجِزْ الْحِنْطَةَ بِالشَّعِيرِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بِيعُوا الْحِنْطَةَ بِالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ» وَلَمْ يَقُلْ فِي السُّلْتِ شَيْئًا عَلِمْتُهُ وَالسُّلْتُ غَيْرُ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرُ مِنْ الزَّبِيبِ أَقْرَبُ مِنْ السُّلْتِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَأَنْتُمْ لَا تَضُمُّونَ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَضُمُّونَ الْقُطْنِيَّةَ كُلَّهَا بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَتَزْعُمُونَ أَنَّ حُجَّتَكُمْ فِيهَا أَنَّ عُمَرَ أَخَذَ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ الْعُشْرَ وَنَحْنُ وَأَنْتُمْ نَأْخُذُ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ وَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالْعُشُورِ أَفَيُضَمُّ بَعْضُ ذَلِكَ إلَى بَعْضٍ وَأَخَذَ عُمَرُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ نِصْفَ الْعُشْرِ أَفَيُضَمُّ الزَّبِيبُ إلَى الْحِنْطَةِ؟ إنَّ هَذَا لِإِحَالَةٍ عَمَّا جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَخِلَافُهُ هَذَا قَوْلٌ مُتَنَاقِضٌ أَنْتُمْ تُحِلُّونَ التَّفَاضُلَ إذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَكَيْفَ حَلَّ لَكُمْ أَنْ تَضُمُّوهَا وَهِيَ عِنْدَكُمْ مُخْتَلِفَةٌ؟ وَكَيْفَ جَازَ لَكُمْ أَنْ يَحِلَّ فِيهَا التَّفَاضُلُ وَهِيَ عِنْدَكُمْ طَعَامٌ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ؟ مَا أَعْلَمُ قَوْلَكُمْ فِي الْقُطْنِيَّةِ وَالسُّلْتِ وَالشَّعِيرِ إلَّا خِلَافًا لَلسُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَالْقِيَاسِ. .
بَابُ النِّكَاحِ بِوَلِيٍّ
سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ النِّكَاحِ فَقَالَ: كُلُّ نِكَاحٍ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَهُوَ بَاطِلٌ فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: أَحَادِيثُ ثَابِتَةٌ فَأَمَّا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ فَإِنَّ مَالِكًا أَخْبَرَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute