الَّذِي مَعَهُ فِي عُقْدَةِ الرَّهْنِ، وَلَيْسَ كَالْبُيُوعِ فِي هَذَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا، وَمَاتَ الْآخَرُ أَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا، وَمَنَعَهُ الْآخَرُ كَانَ الَّذِي قَبَضَ رَهْنًا وَاَلَّذِي لَمْ يَقْبِضْ خَارِجًا مِنْ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُ دَارَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ دَارًا وَعَبْدًا فَأَقْبَضَهُ أَحَدَهُمَا، وَمَنَعَهُ الْآخَرَ كَانَ لَهُ الَّذِي قَبَضَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الَّذِي مَنَعَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ، وَلَكِنَّهُ غَابَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ فِي الْغَائِبِ تَامَّةً حَتَّى يُسَلِّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَيَقْبِضُهُ بِأَمْرِهِ. وَإِذَا رَهَنَهُ رَهْنًا فَأَصَابَ الرَّهْنَ عَيْبٌ إمَّا كَانَ عَبْدًا فَاعْوَرَّ أَوْ قُطِعَ أَوْ أَيُّ عَيْبٍ أَصَابَهُ فَأَقْبَضَهُ إيَّاهُ فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ فَإِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ ذَلِكَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ دَارًا فَانْهَدَمَتْ أَوْ حَائِطًا فَتَقَعَّرَ نَخْلُهُ وَشَجَرُهُ وَانْهَدَمَتْ عَيْنُهُ كَانَ رَهْنًا بِحَالِهِ، وَكَانَ لِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ بَيْعِ خَشَبِ نَخْلِهِ وَبَيْعِ بِنَاءِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ دَاخِلٌ فِي الرَّهْنِ.
إلَّا أَنْ يَكُونَ ارْتَهَنَ الْأَرْضَ دُونَ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَنْعُ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي رَهْنِهِ، وَلَوْ رَهَنَهُ أَرْضَ الدَّارِ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ الْبِنَاءَ فِي الرَّهْنِ أَوْ حَائِطًا، وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ الْغِرَاسَ فِي الرَّهْنِ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ رَهْنًا دُونَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ إلَّا مَا سُمِّيَ دَاخِلًا فِيهِ، وَلَوْ قَالَ رَهَنْتُك بِنَاءَ الدَّارِ كَانَتْ الدَّارُ لَهُ رَهْنًا دُونَ أَرْضِهَا، وَلَا يَكُونُ لَهُ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ حَتَّى يَقُولَ رَهَنْتُك أَرْضَ الدَّارِ وَبِنَاءَهَا وَجَمِيعَ عِمَارَتِهَا. وَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُك نَخْلِي كَانَتْ النَّخْلُ رَهْنًا، وَلَمْ يَكُنْ مَا سِوَاهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَلَا الْبِنَاءِ عَلَيْهَا رَهْنًا حَتَّى يَكْتُبَ: رَهَنْتُك حَائِطِي بِحُدُودِهِ أَرْضِهِ وَغِرَاسِهِ وَبِنَائِهِ وَكُلِّ حَقٍّ لَهُ فَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ رَهْنًا.
وَلَوْ قَالَ رَهَنْتُك بَعْضَ دَارِي أَوْ رَهَنْتُك شِقْصًا أَوْ جُزْءًا مِنْ دَارِي لَمْ يَكُنْ هَذَا رَهْنًا، وَلَوْ أَقْبَضَهُ جَمِيعَ الدَّارِ حَتَّى يُسَمِّيَ كَمْ ذَلِكَ الْبَعْضُ أَوْ الشِّقْصُ أَوْ الْجُزْءُ رُبْعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ كَمَا لَا يَكُونُ بَيْعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقْبَضَهُ الدَّارَ، وَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُكَهَا إلَّا مَا شِئْت أَنَا وَأَنْتَ مِنْهَا أَوْ إلَّا جُزْءًا مِنْهَا لَمْ يَكُنْ رَهْنًا.
مَا يَكُونُ إخْرَاجًا لِلرَّهْنِ مِنْ يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ، وَمَا لَا يَكُونُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَجِمَاعُ مَا يُخْرِجُ الرَّهْنَ مِنْ يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبْرَأَ الرَّاهِنُ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ الرَّهْنُ بِدَفْعٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لَهُ أَوْ يَسْقُطُ الْحَقُّ الَّذِي بِهِ الرَّهْنُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَيَكُونُ الرَّهْنُ خَارِجًا مِنْ يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ عَائِدًا إلَى مِلْكِ رَاهِنِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُرْهَنَ أَوْ بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ قَدْ فَسَخْت الرَّهْنَ أَوْ أَبْطَلْته أَوْ أَبْطَلْت حَقِّي فِيهِ، وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ رَجُلًا أَشْيَاءَ مِثْلَ دَقِيقٍ، وَإِبِلٍ وَغَنَمٍ وَعُرُوضٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَمِائَتَيْ دِينَارٍ أَوْ بَعِيرًا وَطَعَامًا فَدَفَعَ الرَّاهِنُ إلَى الْمُرْتَهِنِ جَمِيعَ مَالِهِ فِي الرُّهُونِ كُلِّهَا إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ وَيْبَةَ حِنْطَةً أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا كَانَتْ الرُّهُونُ كُلُّهَا بِالْبَاقِي.
وَإِنْ قَلَّ لَا سَبِيلَ لِلرَّاهِنِ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا لِغُرَمَائِهِ، وَلَا لِوَرَثَتِهِ لَوْ مَاتَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ مَالِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الرُّهُونَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُفَكُّ بَعْضُهَا قَبْلَ بَعْضٍ. وَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ رَجُلًا جَارِيَةً فَقَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي عِتْقِهَا فَلَمْ يُعْتِقْهَا أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا فَلَمْ يَطَأْهَا أَوْ وَطِئَهَا فَلَمْ تَحْمَلْ فَهِيَ رَهْنٌ بِحَالِهَا لَا يُخْرِجُهَا مِنْ الرَّهْنِ إلَّا بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِيمَا وَصَفْت كَمَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا لِنَفْسِهِ فَأَعْتَقَهُ عَتَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute