عُقْدَتُهُ عَلَيْهَا وَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا قَالَ: بَلَى قِيلَ: فَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْآيَةِ {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَسْلَمَ حَرُمَتْ كُنْتُمْ قَدْ خَالَفْتُمْ الْآيَةَ وَقَوْلُكُمْ: وَعَلِمْتُمْ أَنَّ السُّنَّةَ فِي هِنْدَ عَلَى غَيْرِ مَا قُلْتُمْ وَإِذَا كَانَ {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} جَاءَتْ عَلَيْهِمْ مُدَّةٌ لَمْ تُسْلِمْ فِيهَا فَالْمُدَّةُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِخَبَرٍ يَلْزَمُ مِثْلُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَنْتُمْ إذَا قُلْتُمْ لَا يُفْسَخُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَعْرِضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَتَأْبَاهُ فَإِذَا عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَأَبَتْهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ قِيلَ: فَإِذَا كَانَتْ بِبِلَادٍ نَائِيَةٍ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ وَهَذَا خَارِجٌ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَعْقُولُ إنْ كَانَ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ أَنْ يُسْلِمَ الزَّوْجُ قَبْلَهَا انْبَغَى أَنْ نُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ فَالْمُدَّةُ الَّتِي نَذْهَبُ إلَيْهَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ الْعِدَّةُ. .
. بَابٌ فِي أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يَقْتَسِمُونَ الدُّورَ وَيَمْلِكُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَلَى ذَلِكَ الْقِسْمِ وَيُسْلِمُونَ ثُمَّ يُرِيدُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ الْقِسْمَ وَيَقْسِمَهُ عَلَى قِسْمِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ قُلْت: مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟: قَالَ: الِاسْتِدْلَال بِمَعْنَى الْإِجْمَاعِ وَالسُّنَّةِ قُلْت: وَأَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْت أَهْلَ دَارِ الْحَرْبِ إذَا سَبَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَغَصَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثُمَّ أَسْلَمُوا أَهْدَرْت الدِّمَاءَ وَأَقْرَرْت الْأَرِقَّاءَ فِي يَدَيْ مَنْ أَسْلَمُوا وَهُمْ رَقِيقٌ لَهُمْ وَالْأَمْوَالُ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا عَلَيْهِمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَإِذَا مَلَكُوا بِقِسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا ذَلِكَ الْمِلْكُ بِأَحَقَّ وَأَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ لِمَنْ مَلَكَهُ مِنْ مِلْكِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِرْقَاقِ لِمَنْ كَانَ جَرًّا مَعَ أَنَّهُ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ الدِّيلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ قُسِمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَدْرَكَهَا الْإِسْلَامُ لَمْ تُقْسَمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): نَحْنُ نَرْوِي فِيهِ حَدِيثًا أَثْبَتَ مِنْ هَذَا بِمِثْلِ مَعْنَاهُ. .
بَابُ الْبُيُوعِ
سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي بِذَهَبٍ إلَى دَارِ الضَّرْبِ فَيُعْطِيهَا الضَّرَّابَ بِدَنَانِيرَ مَضْرُوبَةٍ وَيَزِيدُهُ عَلَى وَزْنِهَا، قَالَ: هَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ الْمُعَجَّلُ قُلْت وَمَا الْحُجَّةُ؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي تَمِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا» (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَزْعُمُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَذَا قَالَ: فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَيْنِهِ فَكَيْفَ أَجَزْتُمُوهُ؟ قَالَ: هَذَا مِنْ ضَرْبِ قَوْلِكُمْ فِي اللَّحْمِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ بِغَيْرِ وَزْنٍ بِالْبَادِيَةِ وَحَيْثُ لَيْسَ مَوَازِينُ فَإِنْ كَانَ اللَّحْمُ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَقَدْ أَجَزْتُمُوهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَلِمَ تُحَرِّمُونَهُ فِي الْقَرْيَةِ وَتُجِيزُونَهُ فِي الْبَادِيَةِ وَأَنْتُمْ لَا تُجِيزُونَ بِالْبَادِيَةِ تَمْرًا بِتَمْرٍ إلَّا مِثْلَا بِمِثْلٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَادِيَةِ مِكْيَالٌ وَأَجَزْتُمْ هَذَا فِي الْخُبْزِ أَنْ يُبَاعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ بِغَيْرِ وَزْنٍ إذَا تَحَرَّى فِي الْقَرْيَةِ وَالْبَادِيَةِ وَفِي الْبَيْضِ وَمَا أَشْبَهَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute