للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احْلِفْ عَلَى دَعْوَاكَ وَخُذْ فَإِنْ أَبَيْتَ لَمْ نُعْطِك بِنُكُولِهِ شَيْئًا دُونَ يَمِينِك مَعَ نُكُولِهِ.

وَإِذَا أَنْكَرَ الْخَصْمُ الدَّعْوَى ثُمَّ جَاءَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَى الْمَخْرَجِ مِنْهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: أَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَبِهَذَا يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا أَقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ مَخْرَجًا وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يَدَّعِي قِبَلَ الرَّجُلِ الدَّيْنَ فَيَقُولُ مَالَهُ قِبَلِي شَيْءٌ فَيُقِيمُ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَالَهُ وَيُقِيمُ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ أَوْفَاهُ إيَّاهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمَطْلُوبُ صَادِقٌ بِمَا قَالَ لَيْسَ قِبَلِي شَيْءٌ وَلَيْسَ قَوْلُهُ هَذَا بِإِكْذَابٍ لِشُهُودِهِ عَلَى الْبَرَاءَةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ دَيْنًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بَيِّنَةً فَجَاءَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِمَخْرَجٍ مِمَّا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ قَبِلْتُهُ مِنْهُ وَلَيْسَ إنْكَارُهُ الدَّيْنَ إكْذَابًا لِلْبَيِّنَةِ فَهُوَ صَادِقٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الظَّاهِرِ إذَا جَاءَ بِالْمَخْرَجِ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَوَّلًا أَنْ يَقْطَعَ عَنْهُ الْمُؤْنَةَ.

وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ دَعْوَى فَقَالَ: عِنْدِي الْمَخْرَجُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِإِقْرَارٍ إنَّمَا يَقُولُ: عِنْدِي الْبَرَاءَةُ وَقَدْ تَكُونُ عِنْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَقِّ وَمِنْ الْبَاطِلِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: هَذَا إقْرَارٌ فَإِنْ جَاءَ بِمَخْرَجٍ وَإِلَّا أَلْزَمَهُ الدَّعْوَى وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إنْ لَمْ يَأْتِ بِالْمَخْرَجِ لَمْ تَلْزَمْهُ الدَّعْوَى إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ حَقًّا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: عِنْدِي مِنْهَا الْمَخْرَجُ فَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْقَاضِيَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا إقْرَارًا يَأْخُذُهُ بِهِ إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْهُ بِالْمَخْرَجِ فَلَيْسَ هَذَا بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ الْمَخْرَجُ بِأَنْ لَا يُقِرَّ بِهِ وَلَا يُوجَدُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَأْخُذُ الْمُدَّعِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُثْبِتُهَا وَيُقْبَلُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَخْرَجُ وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ.

قَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَلَمْ يُثْبِتْهُ فِي دِيوَانِهِ ثُمَّ خَاصَمَهُ إلَيْهِ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: إذَا ذَكَرَ الْقَاضِي ذَلِكَ أَمْضَاهُ عَلَيْهِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَا يُمْضِي ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لَهُ حَتَّى يُثْبِتَهُ فِي دِيوَانِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَأَثْبَتَ الْحَاكِمُ إقْرَارَهُ فِي دِيوَانِهِ أَوْ كَانَ ذَاكِرًا لِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يُثْبِتْ فِي دِيوَانِهِ فَسَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَأْخُذُ بِالْإِقْرَارِ عِنْدَهُ أَخَذَهُ بِهِ وَلَا مَعْنَى لِلدِّيوَانِ إلَّا الذِّكْرُ وَإِذَا كَانَ الْقَاضِي ذَاكِرًا فَسَوَاءٌ كَانَ فِي الدِّيوَانِ أَوْ لَمْ يَكُنْ (قَالَ الرَّبِيعُ): وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُجِيزُ الْإِقْرَارَ عِنْدَ الْقَاضِي وَإِنَّمَا كَرِهَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِإِجَازَتِهِ لِحَالِ ظُلْمِ بَعْضِ الْقُضَاةِ.

بَابُ الْفِرْيَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ: يَا نَبَطِيُّ أَوْ لَسْت بَنِي فُلَانٍ لِقَبِيلَةٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَوْلُهُ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ يَا كُوفِيٌّ، يَا بَصْرِيٌّ يَا شَامِيٌّ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَسْت مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَهُوَ صَادِقٌ لَيْسَ هُوَ مِنْ وَلَدِ فُلَانٍ لِصُلْبِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ إنَّ الْقَذْفَ هَا هُنَا إنَّمَا وَقَعَ عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: فِيهِمَا جَمِيعًا الْحَدُّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ: يَا نَبَطِيُّ وَقَفْتُهُ فَإِنْ قَالَ: عَنَيْت نَبَطِيَّ الدَّارِ أَوْ نَبَطِيَّ اللِّسَانِ أَحَلَفْتُهُ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ أَنْ يَنْفِيَهُ وَيَنْسُبَهُ إلَى النَّبَطِ فَإِنْ حَلَفَ نَهَيْتُهُ عَنْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَأَدَّبْتُهُ عَلَى الْأَذَى وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ أَحَلَفْتُ الْمَقُولَ لَهُ لَقَدْ أَرَادَ نَفْيَك فَإِذَا حَلَفَ سَأَلْتُ الْقَائِلَ عَمَّنْ نَفَى فَإِذَا قَالَ: مَا نَفَيْتُهُ وَلَا قُلْتُ مَا قَالَ جَعَلْتُ الْقَذْفَ وَاقِعًا عَلَى أُمِّ الْمَقُولِ لَهُ لَقَدْ أَرَادَ نَفْيَك فَإِذَا حَلَفَ سَأَلْت الْقَائِلَ عَمَّنْ نَفَى فَإِذَا قَالَ: مَا نَفَيْتُهُ وَلَا قُلْت مَا قَالَ جَعَلْت الْقَذْفَ وَاقِعًا عَلَى أُمِّ الْمَقُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>