الصَّانِعَ فِيمَا يَغِيبُ عَلَيْهِ فَجَنَى جَانٍ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ فَأَتْلَفَهُ فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ الصَّانِعِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إلَيْهِ عَلَى السَّلَامَةِ فَإِنْ ضَمَّنَهُ رَجَعَ بِهِ الصَّانِعُ عَلَى الْجَانِي أَوْ تَضْمِينُ الْجَانِي فَإِنْ ضَمَّنَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْجَانِي عَلَى الصَّانِعِ وَإِذَا ضَمَّنَهُ الصَّانِعَ فَأَفْلَسَ بِهِ الصَّانِعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْجَانِي وَكَانَ الْجَانِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَالْحَمِيلِ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمَّنَهُ الْجَانِيَ فَأَفْلَسَ بِهِ الْجَانِي رَجَعَ بِهِ عَلَى الصَّانِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبْرَأَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ تَضْمِينِ الْآخَرِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ وَلِلصَّانِعِ فِي كُلِّ حَالٍ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْجَانِي إذَا أَخَذَ مِنْ الصَّانِعِ وَلَيْسَ لِلْجَانِي أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الصَّانِعِ إذَا أُخِذَ مِنْهُ بِحَالٍ.
قَالَ وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ عَلَى الْوَزْنِ الْمَعْلُومِ وَالْكَيْلِ الْمَعْلُومِ وَالْبَلَدِ الْمَعْلُومِ فَزَادَ الْوَزْنُ أَوْ الْكَيْلُ أَوْ نَقَصَا وَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَلِيُّ الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ قُلْنَا فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِالصِّنَاعَةِ هَلْ يَزِيدُ مَا بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ وَيَنْقُصُ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْكَيْلَيْنِ هَكَذَا فِيمَا لَمْ تَدْخُلْهُ آفَةٌ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ قَدْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ قُلْنَا فِي النُّقْصَانِ لِرَبِّ الْمَالِ قَدْ يُمْكِنُ النَّقْصُ كَمَا زَعَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِلَا جِنَايَةٍ وَلَا آفَةٍ فَلَمَّا كَانَ النَّقْصُ يَكُونُ وَلَا يَكُونُ قُلْنَا إنْ شَاءَ أَحَلَفْنَا لَك الْحَمَّالَ مَا خَانَك وَلَا تَعَدَّى بِشَيْءٍ أَفْسَدَ مَتَاعَك ثُمَّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقُلْنَا لِلْحَمَّالِ فِي الزِّيَادَةِ كَمَا قُلْنَا لِرَبِّ الْمَالِ فِي النُّقْصَانِ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَدْ تَكُونُ لِأَمْرٍ حَادِثٍ وَلَا زِيَادَةَ وَيَكُونُ النُّقْصَانُ وَكَانَتْ هَهُنَا زِيَادَةٌ فَإِنْ لَمْ تَدَعْهَا فَهِيَ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا كِرَاءَ لَك فِيهَا وَإِنْ ادَّعَيْتهَا أَوْفَيْنَا رَبَّ الْمَالِ مَالَهُ تَامًّا وَلَمْ نُسَلِّمْ لَك الْفَضْلَ إلَّا بِأَنْ تَحْلِفَ مَا هُوَ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَتَأْخُذَهُ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةٌ لَا يَزِيدُ مِثْلُهَا أَوْفَيْنَا رَبَّ الْمَالِ مَالَهُ وَقُلْنَا الزِّيَادَةُ لَا يَدَّعِيهَا رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ كَانَتْ لَك فَخُذْهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَك جَعَلْنَاهَا كَمَالٍ فِي يَدَيْك لَا مُدَّعَى لَهُ وَقُلْنَا الْوَرَعُ أَنْ لَا تَأْكُلَ مَا لَيْسَ لَك فَإِنْ ادَّعَاهَا رَبُّ الْمَالِ وَصَدَّقْته كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا وَإِنْ كُنْت أَنْتَ الْكَيَّالُ لِلطَّعَامِ بِأَمْرِ رَبِّ الطَّعَامِ وَلَا أَمِينَ لَهُ مَعَك قُلْنَا لِرَبِّ الطَّعَامِ هُوَ مُقِرٌّ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَك فَإِنْ ادَّعَيْتهَا فَهِيَ لَك وَعَلَيْك فِي الْمَكِيلَةِ الَّتِي اكْتَرَيْت عَلَيْهَا مَا سَمَّيْت مِنْ الْكِرَاءِ وَعَلَيْك الْيَمِينُ مَا رَضِيت أَنْ يَحْمِلَ لَك الزِّيَادَةَ ثُمَّ هُوَ ضَامِنٌ لَأَنْ يُعْطِيَك مِثْلَ قَمْحِك بِبَلَدِك الَّذِي حَمَلَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِأَنْ تَأْخُذَهُ فِي مَوْضِعِك فَلَا يُحَالُ بَيْنَك وَبَيْنَ عَيْنِ مَالِك وَلَا كِرَاءَ عَلَيْك بِالْعُدْوَانِ. وَإِنْ قُلْت رَضِيت بِأَنْ يَحْمِلَ لِي مَكِيلَةً بِكِرَاءٍ مَعْلُومٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ فَالْكِرَاءُ فِي الْمَكِيلَةِ جَائِزٌ وَفِي الزِّيَادَةِ فَاسِدٌ الطَّعَامُ لَك وَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي كُلِّهِ فَإِنْ كَانَ نُقْصَانٌ لَا يَنْقُصُ مِثْلُهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى فَمَنْ رَأَى تَضْمِينَ الْحَمَّالِ ضَمَّنَهُ مَا نَقَصَ عَنْ الْمَكِيلَةِ لَا يَدْفَعُ عَنْهُ شَيْئًا وَمَنْ لَمْ يَرَ تَضْمِينَهُ لَمْ يُضَمِّنَهُ وَطَرَحَ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ خَطَأِ الطَّبِيبِ وَالْإِمَامُ يُؤَدِّبُ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَمَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ النَّاشِزَةَ فَتُؤْتَى عَلَى يَدَيْهِ فَتَمُوتُ وَالْإِمَامُ يَضْرِبُ الرَّجُلَ فِي الْأَدَبِ أَوْ فِي حَدٍّ فَيَمُوتُ أَوْ الْخَاتِنُ يُؤْتَى عَلَى يَدَيْهِ فَيَمُوتُ أَوْ الرَّجُلُ يَأْمُرُ الرَّجُلَ يَقْطَعُ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ فَيَمُوتُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ الْمُعَلِّمُ يُؤَدِّبُ الصَّبِيَّ وَالرَّجُلُ يُؤَدِّبُ يَتِيمَهُ فَيَمُوتُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَصْلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ وَجْهَيْنِ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي أَحَدُهُمَا الْعَقْلُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي الْآخَرِ الْعَقْلُ فَأَمَّا مَا لَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عَقْلٌ فَمَا كَانَ لَا يَحِلُّ لِلْإِمَامِ إلَّا أَخْذُهُ مِمَّنْ عَاقَبَهُ بِهِ فَإِنْ تَلِفَ الْمُعَاقَبُ بِهِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي عَاقَبَهُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute