وَالصَّلَاةِ أَفَرَأَيْتُمْ إذَا كُنْتُمْ تُجِيزُونَ أَنْ يَحُجَّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ إذْ أَوْصَى بِذَلِكَ فَخَالَفْتُمْ مَا قُلْتُمْ مِنْ أَنْ لَا يَحُجَّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَأَجَزْتُمْ مِثْلَ مَا رَدَدْتُمْ فِيهِ السُّنَّةَ أَفَيَجُوزُ لَوْ أَوْصَى أَنْ يُصَلَّى عَنْهُ أَوْ يُصَامَ عَنْهُ؟ فَإِنْ أَجَزْتُمُوهُ فَقَدْ دَخَلْتُمْ فِيمَا كَرِهْتُمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَمَلٌ آخَرُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تُجِيزُوهُ فَقَدْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
. بَابُ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ فَقَالَ: يَحْتَجِمُ وَلَا يَحْلِقُ شَعْرًا وَيَحْتَجِمُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ يَوْمَئِذٍ بِلَحْيِ جَمَلٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ»، فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ: لَا يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ: مَالِكٌ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي حِجَامَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَلَا غَيْرُهُ ضَرُورَةً أَوْلَى بِنَا مِنْ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ كَرِهَ ذَلِكَ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ أَنْ لَا يَكُونَ سَمِعَ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ سَمِعَهُ مَا خَالَفَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ بِرَأْيِهِ فَكَيْفَ إذَا سَمِعْت هَذَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قُلْت بِخِلَافِ مَا سَمِعْت عَنْهُ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنْتُمْ لَمْ تُثْبِتُوا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَرِهَهُ لِلنَّاسِ قَدْ يَتَوَقَّى الْمَرْءُ فِي نَفْسِهِ مَا لَا يَكْرَهُ لِغَيْرِهِ وَأَنْتُمْ تَتْرُكُونَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ لِرَأْيِ أَنْفُسِكُمْ أَفَرَأَيْتُمْ إنْ كَرِهْتُمْ الْحِجَامَةَ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ أَتَعْدُو الْحِجَامَةُ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً لَهُ كَمَا يُبَاحُ لَهُ الِاغْتِسَالُ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فَلَا يُبَالِي كَيْفَ احْتَجَمَ إذَا لَمْ يَقْطَعْ الشَّعْرَ أَوْ تَكُونَ مَحْظُورَةً عَلَيْهِ كَحَلَّاقِ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ؟ فَاَلَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَهُوَ إذَا فَعَلَهُ بِحَلْقِ الشَّعْرِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةٍ افْتَدَى فَيَنْبَغِي أَنْ تَقُولُوا: إذَا احْتَجَمَ مِنْ ضَرُورَةٍ أَنْ يَفْتَدِيَ وَإِلَّا فَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقُولُونَ فِي الْحِجَامَةِ قَوْلًا مُتَنَاقِضًا. .
بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ الْغُرَابُ، وَالْحَدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهُوَ عِنْدَنَا جَوَابٌ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَكُلُّ مَا جُمِعَ مِنْ الْوَحْشِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُبَاحِ اللَّحْمِ فِي الْإِحْلَالِ وَأَنْ يَكُونَ مُضِرًّا قَتَلَهُ الْمُحْرِمَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَمَرَ الْمُحْرِمَ أَنْ يَقْتُلَ الْفَأْرَةَ وَالْغُرَابَ وَالْحَدَأَةَ مَعَ ضَعْفِ ضُرِّهَا إذْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَانَ مَا جَمَعَ أَنْ لَا يُؤْكَلَ لَحْمُهُ وَضُرُّهُ أَكْثَرُ مِنْ ضُرِّهَا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ مُبَاحًا فِي الْإِحْرَامِ، قُلْت: قَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الطَّيْرِ مَا ضَرَّ إلَّا مَا سُمِّيَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: كَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ «خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِمْ جُنَاحٌ» يَدُلُّ عَلَى أَنْ مَا سِوَاهُنَّ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute