بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا نَجْعَلُ الْقَاتِلَيْنِ مَعًا وَهُوَ عَلَى الذَّكَاةِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ صَارَ إلَى حَالٍ لَا يُقْدَرُ فِيهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَيَكُونُ مَقْدُورًا عَلَى ذَكَاتِهِ
(قَالَ): وَإِذَا رَمَى الرَّجُلُ طَائِرًا يَطِيرُ فَأَصَابَهُ أَيَّ إصَابَةٍ مَا كَانَتْ أَوْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مَا كَانَ إذَا جَرَحَتْهُ فَأَدْمَتْهُ أَوْ بَلَغَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَسَقَطَ إلَى الْأَرْضِ وَوَجَدْنَاهُ مَيِّتًا لَمْ نَدْرِ أَمَاتَ فِي الْهَوَاءِ أَوْ بَعْدَمَا صَارَ إلَى الْأَرْضِ أُكِلَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مِمَّا أُحِلَّ مِنْ الصَّيْدِ وَأَنَّهُ لَا يُوصَلُ إلَى أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا إلَّا بِالْوُقُوعِ وَلَوْ حَرَّمْنَا هَذَا خَوْفًا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ قَتَلَتْهُ حَرَّمْنَا صَيْدَ الطَّيْرِ كُلَّهُ إلَّا مَا أُخِذَ مِنْهُ فَذُكِّيَ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ عَلَى جَبَلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ عَنْهُ حَتَّى أُخِذَ وَلَكِنَّهُ لَوْ وَقَعَ عَلَى جَبَلٍ فَتَرَدَّى عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا كَانَ مُتَرَدِّيًا لَا يُؤْكَلُ إلَّا أَنْ يُذَكَّى حَتَّى يُحِيطَ الْعِلْمُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَرَدَّى أَوْ تَجِدَ الرَّمْيَةَ قَدْ قَطَعَتْ رَأْسَهُ أَوْ ذَبَحَتْهُ أَوْ قَطَعَتْهُ بِاثْنَيْنِ فَيُعْلَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا ذَكِيًّا فَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَوْضِعٍ فَتَرَدَّى فَمَرَّ بِحِجَارَةِ حَدَّادٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ شَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَطَعَ رَأْسَهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ أَتَى عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُؤْكَلْ حَتَّى يُحِيطَ الْعِلْمُ أَنَّهُ لَمْ يَتَرَدَّ إلَّا بَعْدَ مَا مَاتَ وَإِذَا رَمَى الرَّجُلُ بِسَهْمِهِ صَيْدًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ أَوْ أَصَابَهُ فَأَنْفَذَهُ وَقَتَلَ غَيْرَهُ فَسَوَاءٌ وَيَأْكُلُ كُلَّ مَا أَصَابَ إذَا قَصَدَ بِالرَّمْيَةِ قَصْدَ صَيْدٍ يَرَاهُ فَقَدْ جَمَعَ الرَّمْيَةَ الَّتِي تَكُونُ بِهَا الذَّكَاةُ وَإِنْ نَوَى صَيْدًا وَإِذَا رَمَى الرَّجُلُ الصَّيْدَ بِحَجَرٍ أَوْ بُنْدُقَةٍ فَخَرَقَتْ أَوْ لَمْ تَخْرِقْ فَلَا يَأْكُلُهُ إلَّا أَنْ يُدْرِكَ ذَكَاتَهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْهَا أَنَّهَا غَيْرُ ذَكَاةٍ وَوَاقِذَةٍ وَأَنَّهَا إنَّمَا قَتَلَتْ بِالثِّقَلِ دُونَ الْخَرْقِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَعَانِي السِّلَاحِ الَّذِي يَكُونُ ذَكَاةً وَلَوْ رَمَى بِمِعْرَاضٍ فَأَصَابَ بِصَفْحِهِ فَقَتَلَ كَانَ مَوْقُوذًا لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ أَصَابَ بِنَصْلِهِ وَحَدِّهِ نَصْلُهُ مُحَدَّدٌ فَخَرَقَ أُكِلَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ سَهْمٌ إنَّمَا يُقْتَلُ بِالْخَرْقِ لَا بِالثِّقَلِ وَلَوْ رَمَى بِعَصًا أَوْ عُودٍ كَانَ مَوْقُوذًا لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ خَسَقَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ الْخَاسِقُ مِنْهُمَا مُحَدَّدًا يَمُورُ مَوْرَ السِّلَاحِ بِعَجَلَةِ السِّلَاحِ أُكِلَ وَإِنْ كَانَ لَا يَمُورُ إلَّا مُسْتَكْرَهًا نَظَرْت فَإِنْ كَانَ الْعُودُ أَوْ الْعَصَا خَفِيفَيْنِ كَخِفَّةِ السَّهْمِ أُكِلَتْ لِأَنَّهُمَا إذَا خَفَّا قَتَلَا بِالْمَوْرِ وَإِنْ أَبْطَآ، وَإِنْ كَانَا أَثْقَلَ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مُتَبَايِنٍ لَمْ يُؤْكَلْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْأَغْلَبَ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِالثِّقَلِ فَيَكُونُ مَوْقُوذًا.
الذَّكَاةُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - أُحِبُّ الذَّكَاةَ بِالْحَدِيدِ وَأَنْ يَكُونَ مَا ذُكِّيَ بِهِ مِنْ الْحَدِيدِ مُوحِيًا أَخَفَّ عَلَى الْمُذَكَّى وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُذَكِّي بَالِغًا مُسْلِمًا فَقِيهًا وَمَنْ ذَكَّى مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَازَتْ ذَكَاتُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ ذَكَّى مِنْ صِبْيَانِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَنِسَائِهِمْ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا ذَكَّى بِهِ مِنْ شَيْءٍ أَنْهَرَ الدَّمَ وَفَرَى الْأَوْدَاجَ وَالْمَذْبَحَ وَلَمْ يُثَرِّدْ جَازَتْ بِهِ الذَّكَاةُ إلَّا الظُّفْرُ وَالسِّنُّ فَإِنَّ النَّهْيَ جَاءَ فِيهِمَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ ذَكَّى بِظُفْرِهِ أَوْ سِنِّهِ وَهُمَا ثَابِتَانِ فِيهِ أَوْ زَائِلَانِ عَنْهُ أَوْ بِظُفْرِ سَبُعٍ أَوْ سِنِّهِ أَوْ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الظُّفْرِ مِنْ أَظْفَارِ الطَّيْرِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ الْأَكْلُ بِهِ لِنَصِّ السُّنَّةِ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): كَمَالُ الذَّكَاةِ بِأَرْبَعٍ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ وَأَقَلُّ مَا يَكْفِي مِنْ الذَّكَاةِ اثْنَانِ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ وَإِنَّمَا أَحْبَبْنَا أَنْ يُؤْتَى بِالذَّكَاةِ عَلَى الْوَدَجَيْنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إذَا أَتَى عَلَى الْوَدَجَيْنِ فَقَدْ اسْتَوْظَفَ قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ حَتَّى أَبَانَهُمَا وَفِيهِمَا مَوْضِعُ الذَّكَاةِ لَا فِي الْوَدَجَيْنِ لِأَنَّ الْوَدَجَيْنِ عِرْقَانِ قَدْ يَسِيلَانِ مِنْ الْإِنْسَانِ ثُمَّ يَحْيَا وَالْمَرِيءُ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ طَعَامُ كُلِّ خَلْقٍ يَأْكُلُ مِنْ بَشَرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ وَالْحُلْقُومُ مَوْضِعُ النَّفَسِ وَإِذَا بَانَا فَلَا حَيَاةَ تُجَاوِزُ طُرْفَةَ عَيْنٍ فَلَوْ قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَيْنِ دُونَ الْمَرِيءِ لَمْ تَكُنْ ذَكَاةً لِأَنَّ الْحَيَاةَ قَدْ تَكُونُ بَعْدَ هَذَا مُدَّةً وَإِنْ قَصُرَت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute