قَائِلٌ فَإِنَّا رَوَيْنَا عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ مَلْعُونٌ مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا (قَالَ): قُلْت لَهُ وَلَا يَدْفَعُ هَذَا وَأَصْغَرُ ذَنْبًا مِنْ الزَّانِي بِالْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا، وَالْمَرْأَةِ بِلَا ابْنَةٍ مَلْعُونٌ، قَدْ لُعِنَتْ الْوَاصِلَةُ وَالْمَوْصُولَةُ وَالْمُخْتَفِي (قَالَ الرَّبِيعُ) الْمُخْتَفِي النَّبَّاشُ وَالْمُخْتَفِيَةُ، فَالزِّنَا أَعْظَمُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ مَلْعُونًا بِالزِّنَا بِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ إلَى فَرْجِ أُمٍّ وَلَا ابْنَتِهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَوْعَدَ عَلَى الزِّنَا، وَلَوْ كُنْت إنَّمَا حَرَّمْته مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَلْعُونٌ مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُحَرِّمَ عَلَى الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ إنْ زَنَى بِهَا أَبُوهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ مَعَ فَرْجِ امْرَأَتِهِ إلَى فَرْجِ أُمِّهَا وَلَا ابْنَتِهَا وَلَوْ كُنْت حَرَّمْته لِقَوْلِهِ مَلْعُونٌ لَزِمَك مَكَانُ هَذَا فِي آكِلِ الرِّبَا وَمُؤْكِلِهِ وَأَنْتَ لَا تَمْنَعُ مَنْ أَرْبَى إذَا اشْتَرَى بِأَجَلٍ أَنْ يَحِلَّ لَهُ غَيْرُ السِّلْعَةِ الَّتِي أَرْبَى وَلَا إذَا اخْتَفَى قَبْرًا مِنْ الْقُبُورِ أَنْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ غَيْرَهُ وَيَحْفِرَ هُوَ إذَا ذَهَبَ الْمَيِّتُ بِالْبِلَى قَالَ أَجَلْ قُلْت فَكَيْفَ لَمْ تَقُلْ لَا يَمْنَعُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ كَمَا قُلْت فِي الَّذِي أَرْبَى وَاخْتَفَى؟
مَا جَاءَ فِي نِكَاحِ إمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَحَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِمَائِهِمْ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} الْآيَةَ فَنَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَنْ نِكَاحِ نِسَاءِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا نَهَى عَنْ إنْكَاحِ رِجَالِهِمْ (قَالَ): وَهَاتَانِ الْآيَتَانِ تَحْتَمِلَانِ مَعْنَيَيْنِ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِمَا مُشْرِكُو أَهْلِ الْأَوْثَانِ خَاصَّةً فَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِمَا بِحَالِهِ لَمْ يُنْسَخْ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي أَهْلِ الْأَوْثَانِ أَنْ لَا يَنْكِحَ مُسْلِمٌ مِنْهُمْ امْرَأَةً كَمَا لَا يَنْكِحُ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُسْلِمَةً (قَالَ): وَقَدْ قِيلَ هَذَا فِيهَا وَفِيمَا هُوَ مِثْلُهُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ (قَالَ): وَتَحْتَمِلَانِ أَنْ تَكُونَا فِي جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ وَتَكُونُ الرُّخْصَةُ نَزَلَتْ بَعْدَهَا فِي حَرَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً كَمَا جَاءَتْ فِي ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ بَيْنِ الْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الْآيَةَ وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} إلَى قَوْلِهِ {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَبِهَذَا كُلِّهِ نَقُولُ لَا تَحِلُّ مُشْرِكَةٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِنِكَاحٍ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَنْكِحَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا حُرَّةً وَلَا مِنْ الْإِمَاءِ إلَّا مُسْلِمَةً وَلَا تَحِلُّ الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ حَتَّى يَجْتَمِعَ الشَّرْطَانِ مَعًا فَيَكُونَ نَاكِحُهَا لَا يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ وَيَكُونَ يَخَافُ الْعَنَتَ إنْ لَمْ يَنْكِحْهَا وَهَذَا أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ تَرَكَ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ وَإِنْ نَكَحَهَا فَلَا بَأْسَ وَهِيَ كَالْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فِي الْقَسْمِ لَهَا وَالنَّفَقَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْعِدَّةِ وَكُلِّ أَمْرٍ غَيْرَ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ وَتَعْتَدُّ مِنْهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَعِدَّةَ الطَّلَاقِ وَتَجْتَنِبُ فِي عِدَّتِهَا مَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّةُ وَكَذَلِكَ الصَّبِيَّةُ وَيُجْبِرُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالتَّنْظِيفِ فَأَمَّا الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ فَإِنْ نَكَحَهَا وَهُوَ يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ فُسِخَ النِّكَاحُ وَلَكِنَّهُ إنْ لَمْ يَجِدْ طَوْلًا ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ أَيْسَرَ لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ انْعَقَدَتْ صَحِيحَةً فَلَا يُفْسِدُهَا مَا بَعْدَهَا، وَلَوْ عَقَدَ نِكَاحَ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ فَقَدْ قِيلَ تَثْبُتُ عُقْدَةُ الْحُرَّةِ وَعُقْدَةُ الْأَمَةِ مَفْسُوخَةٌ وَقَدْ قِيلَ: هِيَ مَفْسُوخَةٌ مَعًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ لَا يَصْلُحُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ الْيَوْمَ لِأَنَّهُ يَجِدُ طَوْلًا إلَى حُرَّةٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لِمَ قُلْت لَا يَحِلُّ نِكَاحُ إمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ؟ فَقُلْت اسْتِدْلَالًا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَأَيْنَ مَا اسْتَدْلَلْت مِنْهُ؟ فَقُلْت قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute