- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَيَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ مَا وَصَفْتُمْ مِنْ اتِّخَاذِ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ مُنْفَرِدًا حُجَّةً ثُمَّ تَتْرُكُونَ مَعَهُ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا غَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَثْبُتُ رِوَايَتُهُ؟ مَنْ جَهِلَ هَذَا انْبَغَى أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيمَا هُوَ أَدَقُّ مِنْ الْعِلْمِ قُلْت: فَهَلْ خَالَفَك فِي هَذَا غَيْرُنَا؟ قَالَ: نَعَمْ بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ وَخَالَفُوكُمْ فَقَالُوا: يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ أُذُنَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ فَقُلْت: هَلْ رَوَوْا فِيهِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ مَا لَا نُثْبِتُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ وَلَا أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ مِثْلَهُ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ يَذْهَبُونَ مَذْهَبَنَا فِي رَفْعِ الْأَيْدِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الصَّلَاةِ فَتُخَالِفُهُمْ مَعَ خِلَافِكُمْ السُّنَّةَ وَأَمْرَ الْعَامَّةِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. .
. بَابُ الْجَهْرِ بِآمِينَ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الْإِمَامِ إذَا قَالَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} هَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِآمِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَيَرْفَعُ بِهَا مَنْ خَلْفَهُ أَصْوَاتَهُمْ فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِيمَا قُلْت مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: آمِينَ» قَالَ: وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا» دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ الْإِمَامَ أَنْ يَجْهَرَ بِآمِينَ؛ لِأَنَّ مَنْ خَلْفَهُ لَا يَعْرِفُ وَقْتَ تَأْمِينِهِ إلَّا بِأَنْ يَسْمَعَ تَأْمِينَهُ ثُمَّ بَيَّنَهُ ابْنُ شِهَابٍ فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ: آمِينَ» فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِآمِينَ فَقَالَ: هَذَا خِلَافُ مَا رَوَى صَاحِبُنَا وَصَاحِبُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ عِلْمٌ إلَّا هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ مَالِكٍ انْبَغَى أَنْ نَسْتَدِلَّ بِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْهَرُ بِآمِينَ وَأَنَّهُ أَمَرَ الْإِمَامَ أَنْ يَجْهَرَ بِهَا» فَكَيْفَ وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ؟.
وَرَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: آمِينَ يَجْهَرُ بِهَا صَوْتُهُ» وَيَحْكِي مَطَّهُ إيَّاهَا وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ لِلْإِمَامِ: لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ، وَكَانَ يُؤْذَنُ لَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كُنْت أَسْمَعُ الْأَئِمَّةَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ بَعْدَهُ يَقُولُونَ: آمِينَ وَمَنْ خَلْفَهُمْ آمِينَ حَتَّى إنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلُجَّةً (قَالَ الشَّافِعِيُّ): رَأَيْتُك فِي مَسْأَلَةِ إمَامَةِ الْقَاعِدِ وَمَسْأَلَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَمَسْأَلَةِ قَوْلِ الْإِمَامِ آمِينَ خَرَجْت مِنْ السُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَوَافَقْت مُنْفَرِدًا مِنْ بَعْضِ الْمَشْرِقِيِّينَ الَّذِينَ تَرْغَبُ فِيمَا يَظْهَرُ عَنْ أَقَاوِيلِهِمْ. .
بَابُ سُجُودِ الْقُرْآن
سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ السُّجُودِ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}؟ فَقَالَ: فِيهَا سَجْدَةٌ فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ أَنَّ فِيهَا سَجْدَةً؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ لَهُمْ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَسَجَدَ فِيهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ فِيهَا».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْأَعْرَجِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} فَسَجَدَ فِيهَا ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِسُورَةٍ أُخْرَى.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute