عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ قَدِمْت مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْت ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي». أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجِّهِ لَا نَرَاهُ إلَّا الْحَجَّ حَتَّى إذَا كُنَّا بِسَرِفٍ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا حِضْت فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ مَا بَالُكَ أَنُفِسْتِ؟ قُلْت: نَعَمْ قَالَ إنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِي الْحَاجَّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ أَنْ لَا تَطُوفَ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرَ، فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا تُصَلِّيَ حَائِضًا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ طَاهِرٍ مَا كَانَ الْحَيْضُ قَائِمًا وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى يَطْهُرْنَ}.
بَابُ أَنْ لَا تَقْضِيَ الصَّلَاةَ حَائِضٌ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَمَّا لَمْ يُرَخِّصْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَنْ تُؤَخَّرَ الصَّلَاةُ فِي الْخَوْفِ وَأَرْخَصَ أَنْ يُصَلِّيَهَا الْمُصَلِّي كَمَا أَمْكَنَهُ رَاجِلًا، أَوْ رَاكِبًا وَقَالَ {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَانَ مَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ الْبَالِغِينَ عَاصِيًا بِتَرْكِهَا إذَا جَاءَ وَقْتُهَا وَذَكَرَهَا وَكَانَ غَيْرَ نَاسٍ لَهَا وَكَانَتْ الْحَائِضُ بَالِغَةً عَاقِلَةً ذَاكِرَةً لِلصَّلَاةِ مُطِيقَةً لَهَا فَكَانَ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَائِضًا وَدَلَّ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ إذَا حَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يَقْرَبَهَا لِلْحَيْضِ حَرُمَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ كَانَ فِي هَذَا دَلَائِلُ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ زَائِلٌ عَنْهَا فَإِذَا زَالَ عَنْهَا وَهِيَ ذَاكِرَةٌ عَاقِلَةٌ مُطِيقَةٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَكَيْفَ تَقْضِي مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَيْهَا بِزَوَالِ فَرْضِهِ عَنْهَا، (قَالَ): وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ لَا يُفِيقُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ حَالِ الْحَائِضِ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ وَفِي أَنَّ الْفَرَائِضَ عَنْهُمْ زَائِلَةٌ مَا كَانُوا بِهَذِهِ الْحَالِ كَمَا الْفَرْضُ عَنْهَا زَائِلٌ مَا كَانَتْ حَائِضًا وَلَا يَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَمَتَى أَفَاقَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، أَوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِمَا أَنْ يُصَلِّيَا؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الصَّلَاةِ.
بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي لَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي الدَّمَ عَنْكِ وَصَلِّي». أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ «حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ كُنْت أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَجِئْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْتَفْتِيهِ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي إلَيْك حَاجَةً وَإِنَّهُ لَحَدِيثٌ مَا مِنْهُ بُدٌّ وَإِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْهُ قَالَ: فَمَا هُوَ يَا هَنْتَاهُ قَالَتْ إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَمَا تَرَى فِيهَا فَقَدْ مَنَعْتنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute