أَثِقُ بِهِ فِي الطَّلَاقِ قُلْت أُولَئِكَ خَالَفُونَا وَإِيَّاكَ فَإِنْ قُلْت بِقَوْلِهِمْ حَاجَجْنَاك وَإِنْ خَالَفْتهمْ فَلَا تَحْتَجَّ بِقَوْلِ مَنْ لَا تَقُولُ بِقَوْلِهِ.
انْفِسَاخُ النِّكَاحِ بَيْنَ الْأَمَةِ وَزَوْجِهَا الْعَبْدِ إذَا عَتَقَتْ
" أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ " قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ وَكَانَ فِي إحْدَى السُّنَنِ أَنَّهَا أُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتَعْتِقُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ مَا لَمْ يَمَسَّهَا فَإِذَا مَسَّهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ يُقَالُ لَهَا زَبْرَاءُ أَخْبَرْته أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَهِيَ أَمَةٌ يَوْمَئِذٍ فَعَتَقَتْ قَالَتْ فَأَرْسَلَتْ إلَيَّ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَتْنِي فَقَالَتْ: إنِّي مُخْبِرَتُك خَبَرًا وَلَا أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا إنَّ أَمْرَك بِيَدِك مَا لَمْ يَمَسَّك زَوْجُك قَالَتْ فَفَارَقَتْهُ ثَلَاثًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِهَذَا نَأْخُذُ فِي تَخْيِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرِيرَةَ حِينَ عَتَقَتْ فِي الْمُقَامِ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ فِرَاقِهِ دَلَائِلَ مِنْهَا أَنَّ الْأَمَةَ إذَا عَتَقَتْ عِنْدَ عَبْدٍ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ وَإِذَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخِيَارَ لِلْأَمَةِ دُونَ زَوْجِهَا فَإِنَّمَا جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ فِي فَسْخِ الْعُقْدَةِ الَّتِي عُقِدَتْ عَلَيْهَا وَإِذَا كَانَتْ الْعُقْدَةُ تَنْفَسِخُ فَلَيْسَ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ إنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الطَّلَاقَ الْمَعْدُودَ عَلَى الرِّجَالِ مَا طَلَّقُوهُمْ فَأَمَّا مَا فُسِخَ عَلَيْهِمْ فَذَلِكَ لَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَوْلِهِمْ وَلَا بِفِعْلِهِمْ كَانَ.
(قَالَ): وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ عَنْ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ ثَابِتٌ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تَفْسَخَهُ حُرِّيَّةٌ أَوْ اخْتِيَارٌ فِي الْعَبْدِ خَاصَّةً وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهَا مِنْ مِلْكِ سَيِّدِهَا الَّذِي زَوَّجَهَا إيَّاهُ بِالْعِتْقِ يُخْرِجُهَا مِنْ نِكَاحِ الزَّوْجِ كَانَ خُرُوجُهَا مِنْ مِلْكِ سَيِّدِهَا الَّذِي زَوَّجَهَا إلَى رِقٍّ كَرِقِّهِ أَوْلَى أَنْ لَا يَخْرُجَهَا وَلَا يَكُونَ لَهَا خِيَارٌ إذَا خَرَجَتْ إلَى الرِّقِّ وَبَرِيرَةُ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ رِقِّ مَالِكِهَا إلَى مِلْكِ عَائِشَةَ وَمِنْ مِلْكِ عَائِشَةَ إلَى الْعِتْقِ فَجَمَعَتْ الْخُرُوجَيْنِ مِنْ الرِّقِّ إلَى الرِّقِّ وَمِنْ الرِّقِّ إلَى الْعِتْقِ ثُمَّ خَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُمَا قَالَ وَلَا يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ إلَّا بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ عَبْدٍ فَأَمَّا عِنْدَ حُرٍّ، فَلَا.
الْخِلَافُ فِي خِيَارِ الْأَمَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي خِيَارِ الْأَمَةِ فَقَالَ تُخَيَّرُ تَحْتَ الْعَبْدِ وَقَالُوا رَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا قَالَ فَقُلْت لَهُ رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا وَهُمَا أَعْلَمُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَنْ رَوَيْت هَذَا عَنْهُ قَالَ فَهَلْ تَرْوُونَ عَنْ غَيْرِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا؟ فَقُلْت هِيَ الْمُعْتِقَةُ وَهِيَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ قَدْ ثَبَتَ أَنْتَ مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُمَا وَنَحْنُ إنَّمَا نُثْبِتُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُمَا قَالَ فَاذْكُرْهُمَا قُلْت أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ زَوْجُ بَرِيرَةَ فَقَالَ كَانَ ذَلِكَ مُغِيثٌ عَبْدُ بَنِي فُلَانٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ يَتْبَعُهَا فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ يَبْكِي أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute