للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا بَقِيَ مِنْهُ عَلَى الْخَبَرِ؟ قَالَ: رَوَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ أَوْ يُمَلِّكُهَا إنْ اخْتَارَتْهُ فَتَطْلِيقَةٌ يَمْلِكُ فِيهَا الرَّجْعَةَ وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَتَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ قُلْت أَرَوَيْت عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ جَعَلَ أَلْبَتَّةَ ثَلَاثًا؟ قَالَ نَعَمْ، قُلْت: أَنْتَ تُخَالِفُ مَا رَوَيْت عَنْ عَلِيٍّ قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت أَنْتَ تَقُولُ إذَا اخْتَارَتْ الْمَرْأَةُ الْمُمَلَّكَةُ أَوْ الَّتِي جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا زَوْجُهَا فَلَا شَيْءَ قَالَ نَعَمْ فَقُلْت قَدْ رَوَيْت عَنْهُ حُكْمًا وَاحِدًا خَالَفْت بَعْضَهُ وَرَوَيْت عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْبَتَّةِ وَالتَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَقُلْت فِي الْبَتَّةِ نِيَّتُهُ فَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنٌ وَهُوَ يَجْعَلُهَا ثَلَاثًا، فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّك جَعَلْت أَلْبَتَّةَ قِيَاسًا عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَهُمَا عِنْدَك طَلَاقٌ لَمْ يُغَلَّظْ وَالْبَتَّةُ طَلَاقٌ قَدْ غُلِّظَ؟ فَكَيْفَ قِسْت أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْلُك زَعَمْت اعْتَمَدْت؟ قَالَ فَإِنَى إنَّمَا قُلْت فِي الْبَتَّةِ بِحَدِيثِ رُكَانَةَ فَقُلْت لَهُ أَلَيْسَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْبَتَّةَ فِي حَدِيثِ رُكَانَةَ وَاحِدَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَأَنْتَ تَجْعَلُهَا بَائِنًا؟ فَقَالَ قَالَ شُرَيْحٌ نَقِفُهُ عِنْدَ بِدْعَتِهِ فَقُلْت وَنَحْنُ قَدْ وَقَفْنَاهُ عِنْدَ بِدْعَتِهِ فَلَمَّا أَرَادَ وَاحِدَةً جَعَلْنَاهَا تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ كَمَا جَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُمَرُ وَأَنْتَ رَوَيْت عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَتَّةِ وَاحِدَةً وَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ أَوْ ثَلَاثًا فَخَرَجْت مِنْ قَوْلِهِمْ مَعًا بِتَوَهُّمٍ فِي قَوْلِ شُرَيْحٍ وَشُرَيْحٌ رَجُلٌ مِنْ التَّابِعِينَ لَيْسَ لَك عِنْدَ نَفْسِك وَلَا لِغَيْرِك أَنْ يُقَلِّدَهُ وَلَا لَهُ عِنْدَك أَنْ يَقُولَ مَعَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ قَالَ فِي الْبَتَّةِ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إلَى الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الْقَلْبِ أَنَّهُ إذَا نَطَقَ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ قَالَ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّمَا أَرَادَ الْإِبْتَاتَ وَاَلَّذِي لَيْسَتْ بَعْدَهُ رَجْعَةٌ وَهُوَ ثَلَاثٌ وَمَنْ قَالَ أَلْبَتَّةَ وَاحِدَةً إذَا لَمْ يُرِدْ أَكْثَرَ مِنْهَا ذَهَبَ فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إلَى أَنَّ أَلْبَتَّةَ كَلِمَةٌ تَحْتَمِلُ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ، وَأَنْ يَقُولَ أَلْبَتَّةَ يَقِينًا كَمَا تَقُولُ لَا آتِيك أَلْبَتَّةَ وَأَذْهَبُ أَلْبَتَّةَ وَتَحْتَمِلُ صِفَةَ الطَّلَاقِ فَلَمَّا احْتَمَلَتْ مَعَانِيَ لَمْ نَسْتَعْمِلْ عَلَيْهِ مَعْنًى يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَلَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ بِالتَّوَهُّمِ وَجَعَلْنَا مَا احْتَمَلَ الْمَعَانِيَ يُقَابِلُهُ وَقَوْلُك كُلُّهُ خَارِجٌ مِنْ هَذَا مُفَارِقٌ لَهُ قَالَ فَإِنَّا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَكُونُ طَلَاقٌ بَائِنٌ إلَّا خُلْعٌ أَوْ إيلَاءٌ فَقُلْنَا قَدْ خَالَفْته فَجَعَلْت كَثِيرًا مِنْ الطَّلَاقِ بَائِنًا سِوَى الْخُلْعِ وَالْإِيلَاءِ وَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت لَوْ أَنْ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ قَوْلُك فِي الْبَتَّةِ وَرَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا يُخَالِفُهُ أَفِي رَجُلٍ أَوْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حُجَّةٌ مَعَهُ؟ قَالَ لَا قُلْنَا فَقَدْ خَالَفْت مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَتَّةِ وَخَالَفْت أَصْحَابَهُ فَلَمْ تَقُلْ بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيهَا وَقُلْت لَهُ أَوْ يَخْتَلِفُ عِنْدَك قَوْلُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَخَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ وَبَائِنٌ وَمَا شَدَّدَ بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ كَنَّى عَنْهُ وَهُوَ يُرِيدُ الطَّلَاقَ؟ فَقَالَ لَا كُلُّ هَذَا وَاحِدٌ قُلْت فَإِنْ كَانَ كُلٌّ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا عِنْدَك فِي مَعْنًى وَاحِدٍ فَقَدْ خَالَفْت قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا فِي مَعْنَاهُ ثُمَّ قُلْت فِيهِ قَوْلًا مُتَنَاقِضًا قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت زَعَمْت أَنَّهُ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً غَلِيظَةً أَوْ شَدِيدَةً كَانَتْ بَائِنًا وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً طَوِيلَةً كَانَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَكِلْتَا الْكَلِمَتَيْنِ صِفَةُ التَّطْلِيقَةِ وَتَشْدِيدٌ لَهَا فَكَيْفَ كَانَ يَمْلِكُ فِي إحْدَاهُمَا الرَّجْعَةَ وَلَا يَمْلِكُهَا فِي الْأُخْرَى؟ أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَك قَائِلٌ إذَا قَالَ طَوِيلَةً فَهِيَ بَائِنٌ لِأَنَّ الطَّوِيلَةَ مَا كَانَ لَهَا مَنْعُ الرَّجْعَةِ حَتَّى يُطَوِّلَ ذَلِكَ وَغَلِيظَةً وَشَدِيدَةً لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَهُوَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ أَمَا كَانَ أَقْرَبَ بِمَا فَرَّقَ إلَى الصَّوَابِ مِنْك؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقُلْت لَهُ لَقَدْ خَالَفْت فِي هَذَا الْقَوْلِ مَعَانِيَ الْآثَارِ مَعَ فِرَاقِك مَعْنَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَالْقِيَاسِ قَالَ فَمِنْ أَصْحَابِك مَنْ يَقُولُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>