كَانُوا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَسَادٌ لِمُسْلِمٍ وَلَا مَظْلَمَةٌ لِأَحَدٍ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا نَهَاهُ عَنْهُ مِثْلَ الْغِشِّ لِمُسْلِمٍ أَوْ بَيْعِهِ حَرَامًا أَوْ سَقْيِهِ مُحَرَّمًا أَوْ الضَّرْبِ لِأَحَدٍ أَوْ الْفَسَادِ عَلَيْهِ عَاقَبَهُ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ حَدًّا وَإِنْ أَظْهَرُوا نَاقُوسًا أَوْ اجْتَمَعَتْ لَهُمْ جَمَاعَاتٌ أَوْ تَهَيَّئُوا بِهَيْئَةٍ نَهَاهُمْ عَنْهَا تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ فَإِنْ عَادُوا عَاقَبَهُمْ وَإِنْ فَعَلَ هَذَا مِنْهُمْ فَاعِلٌ أَوْ بَاعَ مُسْلِمًا بَيْعًا حَرَامًا فَقَالَ مَا عَلِمْت تَقَدَّمَ إلَيْهِ الْوَالِي وَأَحْلَفَهُ وَأَقَالَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ عَادَ عَاقَبَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْهُمْ مَظْلِمَةً لِأَحَدٍ فِيهَا حَدٌّ مِثْلَ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْفِرْيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أُقِيمَ عَلَيْهِ وَإِنْ غَشَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يَكْتُبَ إلَى الْعَدُوِّ لَهُمْ بِعَوْرَةٍ أَوْ يُحَدِّثَهُمْ شَيْئًا أَرَادُوهُ بِهِمْ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا عُوقِبَ وَحُبِسَ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا وَلَا قَطْعَ الطَّرِيقِ نَقْضًا لِلْعَهْدِ مَا أَدَّوْا الْجِزْيَةَ عَلَى أَنْ يُجْرِيَ عَلَيْهِمْ الْحُكْمَ.
مَا يُعْطِيهِمْ الْإِمَامُ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ الْعَدُوِّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَيْنَ أَظْهُرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مُنْفَرِدِينَ أَوْ مُجْتَمَعِينَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ أَنْ يَسْبِيَهُمْ الْعَدُوُّ أَوْ يَقْتُلَهُمْ مَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
وَإِنْ كَانَتْ دَارُهُمْ وَسَطَ دَارِ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ فَلَمْ يَكُنْ فِي صُلْحِهِمْ أَنْ يَمْنَعَهُمْ فَعَلَيْهِ مَنْعُهُمْ لِأَنَّ مَنْعُهُمْ مَنَعَ دَارَ الْإِسْلَامِ دُونَهُمْ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَا يُوصَلُ إلَى مَوْضِعٍ هُمْ فِيهِ مُنْفَرِدُونَ إلَّا بِأَنْ تُوطَأَ مِنْ بِلَادِهِمْ شَيْءٌ كَانَ عَلَيْهِ مَنْعُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ كَانَتْ بِلَادُهُمْ دَاخِلَةً بِبِلَادِ الشِّرْكِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ شِرْكُ حَرْبٍ فَإِذَا أَتَاهَا الْعَدُوُّ لَمْ يَطَأْ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ شَيْئًا وَمَعَهُمْ مُسْلِمٌ فَأَكْثَرُ كَانَ عَلَيْهِ مَنْعُهُمْ.
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّ مَنْعَ دَارِهِمْ مِنْهُ مُسَلَّمٌ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مُسْلِمٌ وَكَانَ مَعَهُمْ مَالٌ لِمُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَتْ دَارُهُمْ كَمَا وَصَفْت مُتَّصِلَةً بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ وَبِلَادِ الشِّرْكِ إذَا غَشِيَهَا الْمُشْرِكُونَ لَمْ يَنَالُوا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ شَيْئًا وَأَخَذَ الْإِمَامُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُمْ مَنْعَهُمْ فَعَلَيْهِ مَنْعُهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ فِي أَصْلِ صُلْحِهِمْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُمْ فَيَرْضَوْنَ بِذَلِكَ وَأُكْرِهَ لَهُ إذَا اتَّصَلُوا كَمَا وَصَفْت بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَمْنَعَهُمْ وَأَنْ يَدَعَ مَنْعَهُمْ وَلَا يُبَيِّنُ أَنَّ عَلَيْهِ مَنْعَهُمْ.
فَإِنْ كَانَ أَصْلُ صُلْحِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لَا تَمْنَعْنَا وَنَحْنُ نُصَالِحُ الْمُشْرِكِينَ بِمَا شِئْنَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ عَلَى هَذَا وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ صَالَحَهُمْ عَلَى مَنْعِهِمْ لِئَلَّا يَنَالُوا أَحَدًا يَتَّصِلُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانُوا قَوْمًا مِنْ الْعَدُوِّ دُونَهُمْ عَدُوٌّ فَسَأَلُوا أَنْ يُصَالِحُوا عَلَى جِزْيَةٍ وَلَا يَمْنَعُوا جَازَ لِلْوَالِي أَخْذُهَا مِنْهُمْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا بِحَالٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا غَيْرِهِمْ إلَّا عَلَى أَنْ يُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَأْذَنْ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ إلَّا بِأَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَالصَّغَارُ أَنْ يُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فَمَتَى صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فَالصُّلْحُ فَاسِدٌ وَلَهُ أَخْذُ مَا صَالَحُوهُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَفَّ فِيهَا عَنْهُمْ وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ حَتَّى تَصَالَحُوا عَلَى أَنْ يُجْرِيَ عَلَيْهِمْ الْحُكْمَ أَوْ يُقَاتِلَهُمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى هَذَا إلَّا أَنْ تَكُونَ بِهِمْ قُوَّةٌ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْكُمْ الْجِزْيَةَ إذَا اسْتَغْنَيْتُمْ وَأَدَعُهَا إذَا افْتَقَرْتُمْ وَلَا أَنْ يُصَالِحَهُمْ إلَّا عَلَى جِزْيَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ وَلَا أَنْ يَقُولَ مَتَى اُفْتُقِرَ مِنْكُمْ مُفْتَقِرٌ أَنْفَقْت عَلَيْهِ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَمَتَى صَالَحَهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا زَعَمْت أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ جِزْيَةً أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ فِي السَّنَةِ رَدَّ الْفَضْلَ عَلَى الدِّينَارِ وَدَعَاهُمْ إلَى أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَلَى مَا يَصْلُحُ.
فَإِنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute