للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} فَلَا يَجُوزُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ الدِّينَيْنِ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ سَاعَةَ اخْتَلَفَا أَوْ يَكُونَ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافُ الدِّينَيْنِ وَالثُّبُوتُ عَلَى الِاخْتِلَافِ إلَى مُدَّةٍ وَالْمُدَّةُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا وَصَفْنَا وَجَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ قَبْلَ زَوْجِهَا وَالْمُسْلِمِ قَبْلَ امْرَأَتِهِ فَحَكَمَ فِيهِمَا حُكْمًا وَاحِدًا فَكَيْفَ جَازَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؟ وَجَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُمَا فَقَالَ {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} فَهِيَ كَالْآيَةِ قَبْلَهَا لَا تَعْدُو أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ سَاعَةَ يُسْلِمُ قَبْلَ امْرَأَتِهِ تَنْقَطِعُ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَهِيَ كَافِرَةٌ أَوْ لَا تَكُونَ الْعِصْمَةُ تَنْقَطِعُ بَيْنَهُمَا إلَّا إلَى مُدَّةٍ فَقَدْ دَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُدَّةِ وَقَوْلُ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ لَا قَطْعَ لِلْعِصْمَةِ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالْإِسْلَامِ حِينَ كَانَ مُتَأَوِّلًا فَكَانَ وَإِنْ خَالَفَ قَوْلُهُ السُّنَّةَ قَدْ ذَهَبَ إلَى مَا تَأَوَّلَ وَلَا جَعَلَ لَهُمَا الْمُدَّةَ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهَا السُّنَّةُ بَلْ خَرَجَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَأَحْدَثَ مُدَّةً لَا يَعْرِفُهَا آدَمِيٌّ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ: إذَا تَقَارَبَ فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَقُولَ إذَا تَقَارَبَ قَالَ إنْسَانٌ: التَّقَارُبُ بِقَدْرِ النَّفْسِ أَوْ قَدْرِ السَّاعَةِ أَوْ قَدْرِ بَعْضِ الْيَوْمِ أَوْ قَدْرِ السُّنَّةِ؟ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا يَحُدُّ مِثْلَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّا أَنْ يَحُدَّ هَذَا بِالرَّأْيِ وَالْغَفْلَةِ فَهَذَا مَا لَا يَجُوزُ مَعَ الرَّأْيِ وَالْيَقَظَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

الْحَرْبِيُّ يَخْرُجُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَخَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَنْكِحْ أُخْتَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ امْرَأَتِهِ وَلَمْ تُسْلِمْ فَتَبِينَ مِنْهُ فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا أَوْ أَرْبَعٍ سِوَاهَا.

مَنْ قُوتِلَ مِنْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَمَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ الرِّقُّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا قُوتِلَ أَهْلُ الْحَرْبِ مِنْ الْعَجَمِ جَرَى السِّبَاءُ عَلَى ذَرَارِيِّهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَرِجَالِهِمْ لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ وَإِذَا قُوتِلُوا وَهُمْ مِنْ الْعَرَبِ فَقَدْ سَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهَوَازِنَ وَقَبَائِلَ مِنْ الْعَرَبِ وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ الرِّقَّ حَتَّى مَنَّ عَلَيْهِمْ بَعْدُ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَطْلَقَ بَنِي هَوَازِنَ قَالَ لَوْ كَانَ تَامًّا عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ سُبِيَ تَمَّ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَكِنَّهُ إسَارٌ وَفِدَاءٌ فَمَنْ أَثْبَتَ هَذَا الْحَدِيثَ عَمَّ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَجْرِي عَلَى عَرَبِيٍّ بِحَالٍ وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (قَالَ وَالشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: لَا يُسْتَرَقُّ عَرَبِيٌّ (قَالَ الرَّبِيعُ): قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْلَا أَنَّا نَأْثَمُ بِالتَّمَنِّي لَتَمَنَّيْنَا أَنْ يَكُونَ هَذَا هَكَذَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَوْلَى يَنْكِحُ الْأَمَةَ يُسْتَرَقُّ وَلَدُهُ وَفِي الْعَرَبِيِّ يَنْكِحُهَا لَا يُسْتَرَقُّ وَلَدُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمْ (قَالَ الرَّبِيعُ): رَأَى الشَّافِعِيُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ وَوَلَدُهُمْ رَقِيقٌ مِمَّنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ (قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>