للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ عَذَابًا فَإِنْ قَالَ لَك قَائِلٌ أُعَذِّبُهَا إنْ لَمْ تَحْلِفْ بِبَعْضِ هَذَا؟ قَالَ لَيْسَ لَهُ وَإِنَّمَا الْعَذَابُ الْحَدُّ، قُلْت أَجَلْ وَأَجِدُك تَرَوَّحْتَ إلَى مَا لَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ لَك بِهَذِهِ حُجَّةٌ كَانَتْ عَلَيْك لِغَيْرِك بِمِثْلِهَا وَأَبْيَنَ فِيهَا.

أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ فَبَعَثَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا لَك عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَةٌ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَعَلِمَ ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْقَطَ نَفَقَتَهَا لِأَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَأَلْبَتَّةَ الَّتِي لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا ثَلَاثٌ وَلَمْ يَعِبْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَاقَ الثَّلَاثِ وَحَكَمَ فِيمَا سِوَاهَا مِنْ الطَّلَاقِ بِالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ أَلْبَتَّةَ ثَلَاثٌ؟ فَهِيَ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ أَوْ نَوَى بِأَلْبَتَّةَ ثَلَاثًا كَانَتْ وَاحِدَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَلْبَتَّةَ ثَلَاثٌ بِلَا نِيَّةِ الْمُطَلِّقِ وَلَا تَسْمِيَةِ ثَلَاثٍ قَالَ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ لَمْ يَعِبْ الطَّلَاقَ الَّذِي هُوَ ثَلَاثٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الزَّوْجِ مَا أَبْقَى مِنْهُ أَبْقَى لِنَفْسِهِ وَمَا أَخْرَجَ مِنْهُ مِنْ يَدِهِ لَزِمَهُ غَيْرَ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً وَلَا يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ صَدَقَةً وَقَدْ يُقَالُ لَهُ لَوْ أَبْقَيْت مَا تَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ النَّاسِ كَانَ خَيْرًا لَك فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ أَبَا عَمْرٍو لَا يَعُودُ أَنْ يَكُونَ سَمَّى ثَلَاثًا أَوْ نَوَى بِأَلْبَتَّةَ ثَلَاثًا؟ قُلْنَا الدَّلِيلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ «أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ الْمُزَنِيَّةَ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ أَتَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنِّي طَلَّقْت امْرَأَتِي سُهَيْمَةَ أَلْبَتَّةَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرُكَانَةَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً؟ فَقَالَ رُكَانَةُ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَرَدَّهَا إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَطَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَالثَّالِثَةَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّهُ تَلَاعَنَ عُوَيْمِرٌ وَامْرَأَتُهُ بَيْنَ يَدِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَعَ النَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ مُلَاعَنَتِهِمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْت عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أَمْسَكْتُهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»، قَالَ مَالِكٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَقَدْ طَلَّقَ عُوَيْمِرٌ ثَلَاثًا بَيْنَ يَدِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا لَنَهَاهُ عَنْهُ.

وَقَالَ إنَّ الطَّلَاقَ وَإِنْ لَزِمَك فَأَنْتَ عَاصٍ بِأَنْ تَجْمَعَ ثَلَاثًا فَافْعَلْ كَذَا كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حِينَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ فَلَا يُقِرُّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَلَاقٍ لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا نَهَاهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ الْعَلَمُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ لَا بَاطِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا يُغَيِّرُهُ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ حَنْطَبٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ. ثُمَّ أَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ قَدْ فَعَلْتُهُ، فَتَلَا: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}

<<  <  ج: ص:  >  >>