صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إذْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ صَلَّى بِمِنًى أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا هَذَا أَوْ يَكُونُ الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ يُتِمُّ بِمِنًى لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي زَمَانِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَدْ أَتَمُّوا بِإِتْمَامِ عُثْمَانَ قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ لَوْ أَتَمَّ بِقَوْمٍ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لَوْ كَانَتْ تَفْسُدُ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَقُولُ وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَ مَا رَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لِغَيْرِ رَأْيِ أَحَدٍ رَوَيْتُمُوهُ يُخَالِفُ ابْنَ عُمَرَ بَلْ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوَافِقُهُ وَتُخَالِفُونَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ عَابَ إتْمَامَ الصَّلَاةِ بِمِنًى ثُمَّ قَامَ فَأَتَمَّهَا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: الْخِلَافُ شَرٌّ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ لَمْ يُتِمَّ وَخَالَفَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ رَآهُ وَاسِعًا فَأَتَمَّ، وَإِنْ كَانَ الْفَضْلُ عِنْدَهُ فِي الْقَصْرِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي مَعَ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ شَيْئًا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا إلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَعْرُوفٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَيْبُ النَّافِلَةِ فِي النَّهَارِ فِي السَّفَرِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالنَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ نَهَارًا، قَالَ: فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا نَقُولُ بِقَوْلِ صَاحِبِنَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كَيْفَ خَالَفْتُمْ ابْنَ عُمَرَ وَاسْتَحْبَبْتُمْ مَا كَرِهَ وَلَمْ أَعْلَمْكُمْ تَحْفَظُونَ فِيهِ شَيْئًا يُخَالِفُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ احْتِجَاجَكُمْ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ اسْتِتَارٌ مِنْ النَّاسِ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُخَالِفَ الْحُجَّةَ عِنْدَهُ.
بَابُ الْقُنُوتِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ الْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَظُنُّهُ عَنْ أَبِيهِ (الشَّكُّ مِنْ الرَّبِيعِ) أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْوِتْرِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ إذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَ عُرْوَةَ فَتَقُولُونَ: يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقُلْت: لِلشَّافِعِيِّ فَأَنْتَ تَيَقَّنْت فِي الصُّبْحِ بَعْدَ الرُّكُوعِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ: لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ قُلْت: فَقَدْ وَافَقْنَاكَ قَالَ: أَجَلْ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُونَ وَمُوَافَقَتُكُمْ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فِي غَيْرِهِ فَقُلْت مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: أَنْتُمْ تَتْرُكُونَ الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَجِّ عَنْ الرَّجُلِ بِقِيَاسٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَتَقُولُونَ: لَا يَجْهَلُ ابْنُ عُمَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: لِلشَّافِعِيِّ: قَدْ يَذْهَبُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ بَعْضُ السُّنَنِ وَيَذْهَبُ عَلَيْهِ حِفْظُ مَا شَاهَدَ مِنْهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَوَيَخْفَى عَلَيْهِ الْقُنُوتُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمَ يَقْنُتُ عُمْرَهُ وَأَبُو بَكْرٍ أَوْ يَذْهَبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ؟ فَقُلْت: نَعَمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَقَاوِيلُكُمْ مُخْتَلِفَةٌ كَيْفَ نَجِدُكُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ إنْكَارَ الْقُنُوتِ وَيَرْوِي غَيْرُكُمْ مِنْ الْمَدَنِيِّينَ الْقُنُوتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ فَهَذَا يُبْطِلُ أَنَّ الْعَمَلَ كَمَا تَقُولُ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَيُبْطِلُ قَوْلَكُمْ لَا يَخْفَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ سُنَّةٌ وَإِذَا جَازَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْسَى أَوْ يَذْهَبَ عَلَيْهِ مَا شَاهَدَ كَانَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ امْرَأَةً أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا» مِنْ الْعِلْمِ مِنْ هَذَا أَوْلَى أَنْ يَذْهَبَ عَلَيْهِ وَلَا يُجْعَلُ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى السُّنَّةِ وَأَنَّهَا عَلَيْك فِي رَدِّ الْحَدِيثِ زَعَمْت أَنْ يَكُونَ لَا يَذْهَبُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي التَّشَهُّدِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَخَالَفْتُهُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ فَإِذَا كَانَ التَّشَهُّدُ وَهُوَ مِنْ الصَّلَاةِ وَعِلْمُ الْعَامَّةِ مُخْتَلِفٌ فِيهِ بِالْمَدِينَةِ تُخَالِفُ فِيهِ ابْنَ عُمَرَ وَعُمَرَ وَعَائِشَةَ فَأَيْنَ الِاجْتِمَاعُ وَالْعَمَلُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُجْتَمَعًا عَلَيْهِ مِنْ التَّشَهُّدِ وَمَا رَوَى فِيهِ مَالِكٌ صَاحِبُك إلَّا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ مُخْتَلِفَةٍ كُلِّهَا حَدِيثَانِ مِنْهَا يُخَالِفَانِ (٣): فِيهَا عُمَرَ وَعُمَرُ يُعَلِّمُهُمْ التَّشَهُّدَ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ تُخَالِفُ فِيهَا ابْنَهُ وَعَائِشَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute