للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى الْبِكْرِ مِائَةٌ وَعَلَى الْأَمَةِ خَمْسُونَ وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَكْرَهَةِ شَيْءٌ قُلْنَا: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ثَيِّبًا، وَمَنْ زَنَى بِهَا عَبْدًا رُجِمَتْ وَجُلِدَ الْعَبْدُ خَمْسِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْنَا وَلِمَ؟ أَلَيْسَ؛ لِأَنَّكَ تُلْزِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدَّ نَفْسِهِ وَلَا تُزِيلُهُ عَنْهُ بِأَنْ يُشْرِكَهُ فِيهِ غَيْرَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت: فَلِمَ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَحْرَمٍ مَنْفِيًّا وَالنَّفْيُ حَدُّهُ قَالَ فَقَدْ نَفَى عُمَرُ رَجُلًا وَقَالَ لَا أَنْفِي بَعْدَهُ. قُلْت نَفَى عُمَرُ رَجُلًا فِي الْخَمْرِ وَالنَّفْيُ فِي السُّنَّةِ عَلَى الزَّانِي وَالْمُخَنَّثِ وَفِي الْكِتَابِ عَلَى الْمُحَارِبِ وَهُوَ خِلَافُ نَفْيِهِمَا لَا عَلَى أَحَدٍ غَيْرِهِمْ فَإِنْ رَأَى عُمَرُ نَفْيًا فِي الْخَمْرِ ثُمَّ رَأَى أَنْ يَدَعَهُ فَلَيْسَ الْخَمْرُ بِالزِّنَا وَقَدْ نَفَى عُمَرُ فِي الزِّنَا فَلِمَ لَمْ تَحْتَجْ بِنَفْيِ عُمَرَ فِي الزِّنَا؟ وَقَدْ تَبَيَّنَّا نَحْنُ وَأَنْتَ أَنْ لَيْسَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَالَ قَائِلٌ لَا أَرْجُمُ إلَّا بِالِاعْتِرَافِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؛ لِأَنَّهُنَّ يَقُمْنَ مَقَامَ أَرْبَعِ شَهَادَاتٍ قُلْنَا وَإِنْ كُنَّ يَقُمْنَ مَقَامَ أَرْبَعِ شَهَادَاتٍ فَإِنْ اعْتَرَفَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ رَجَعَ؟ قَالَ لَا يُحَدُّ قِيلَ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى فَرْقٍ بَيْنَ الِاعْتِرَافِ وَالشَّهَادَةِ أَوْ رَأَيْت إنْ قُلْت يَقُومُ مَقَامَ الشَّهَادَةِ فَلِمَ زَعَمْت أَنَّ السَّارِقَ يَعْتَرِفُ مَرَّةً فَيُقْطَعُ وَكَيْفَ لَا تَقُولُ حَتَّى يَعْتَرِفَ مَرَّتَيْنِ إنْ اعْتَرَفَ بِحَقٍّ لِرَجُلٍ مَرَّةً أَلْزَمْتَهُ أَبَدًا فَجَعَلْت مَرَّةَ الِاعْتِرَافَ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ. وَمَرَّةً أَضْعَفَ؟ قَالَ: لَيْسَ الِاعْتِرَافُ مِنْ الْبَيِّنَةِ بِسَبِيلٍ وَلَكِنَّ الزُّهْرِيُّ رَوَى أَنَّهُ اعْتَرَفَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قُلْنَا: وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ اعْتَرَفَ مِرَارًا فَرَدَّدَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَهَا وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِجَهَالَةِ النَّاسِ بِمَا عَلَيْهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي الْمُعْتَرِفِ أَيَشْتَكِي أَمْ بِهِ جِنَّةٌ لَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا سَتَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ أَتَى يُقِرُّ بِذَنْبِهِ إلَّا وَهُوَ يَجْهَلُ حَدَّهُ؟ أَوْ لَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الِاعْتِرَافِ وَأَمَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِعَدَدِ اعْتِرَافٍ.

مَا جَاءَ فِي حَدِّ الرَّجُلِ أَمَتَهُ إذَا زَنَتْ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْأَمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ فَقَالَ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لَا أَدْرِي أَبْعَدَ الثَّالِثَةِ أَمْ الرَّابِعَةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّتْ جَارِيَةً لَهَا زَنَتْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَكَانَ الْأَنْصَارُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يُحِدُّونَ إمَاءَهُمْ وَابْنُ مَسْعُودٍ يَأْمُرُ بِهِ وَأَبُو بَرْزَةَ حَدَّ وَلِيدَتَهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَا يَحُدُّ الرَّجُلُ أَمَتَهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ وَاعْتَلُّوا فِيهِ بِأَنْ قَالُوا إنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَمَةِ لَا يَعْقِلُ الْحَدَّ؟ قُلْنَا: إنَّمَا يُقِيمُ الْحَدَّ مَنْ يَعْقِلُهُ. وَقُلْنَا لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حُرَّةٌ غَيْرُ مِلْكِ يَمِينٍ قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِحَدٍّ قُلْت: فَإِذَا أَبَاحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا لَيْسَ بِحَدٍّ فَهُوَ فِي الْحَدِّ الَّذِي بِعَدَدٍ أَوْلَى أَنْ يُبَاحَ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا يَتَعَدَّى وَالْعُقُوبَةُ لَا حَدَّ لَهَا فَكَيْفَ أَجَزْته فِي شَيْءٍ وَأَبْطَلْته فِي غَيْرِهِ قَالَ: رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُشْبِهُ قَوْلَنَا قُلْت أَوْ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ؟ قَالَ: لَا قُلْنَا: فَلِمَ تَحْتَجُّ بِهِ وَلَيْسَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْرُوفٍ؟ فَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ يَقُولُ لَا يَحُدُّ الرَّجُلُ أَمَتَهُ إذَا زَنَتْ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>