دَخَلَتْ النَّسِيئَةُ فَسَدَ أَوْ تَفَرَّقَا بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا فَسَدَ الْبَيْعُ
(قَالَ): وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ نَخْلَةٍ فِي رَأْسِهَا بِثَمَرِ شَجَرَةِ فِرْسِكٍ فِي رَأْسِهَا أَوْ يَبِيعَ ثَمَرَ نَخْلَةٍ فِي رَأْسِهَا بِفِرْسِكٍ مَوْضُوعٍ فِي الْأَرْضِ أَوْ يَبِيعَ رُطَبًا فِي الْأَرْضِ بِفِرْسِكٍ مَوْضُوعٍ فِي الْأَرْضِ جُزَافًا.
(قَالَ): وَجِمَاعُهُ أَنْ تَبِيعَ الشَّيْءَ بِغَيْرِ صِنْفِهِ يَدًا بِيَدٍ كَيْفَ شِئْت.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا كَانَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَحِلَّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ كَيْلًا بِكَيْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَتَفَرَّقَانِ حَتَّى يَتَقَابَضَا وَلَا يُبَاعُ مِنْهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ وَلَا رَطْبٌ يَبِسَ بِرَطْبٍ إلَّا الْعَرَايَا خَاصَّةً.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِي صَفْقَةٍ شَيْئًا مِنْ الَّذِي فِيهِ الرِّبَا فِي الْفَضْلِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ صُبْرَةَ تَمْرٍ مَكِيلَةً أَوْ جُزَافًا بِصُبْرَةِ حِنْطَةٍ مَكِيلَةً أَوْ جُزَافًا وَمَعَ الْحِنْطَةِ مِنْ التَّمْرِ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّفْقَةَ فِي الْحِنْطَةِ تَقَعُ عَلَى حِنْطَةٍ وَتَمْرٍ بِتَمْرٍ وَحِصَّةُ التَّمْرِ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بِقِيمَتِهَا وَالْحِنْطَةُ بِقِيمَتِهَا وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ إلَّا مَعْلُومًا كَيْلًا بِكَيْلٍ.
بَابُ وَقْتِ بَيْعِ الْفَاكِهَةِ
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقْتُ بَيْعِ جَمِيعِ مَا يُؤْكَلُ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ أَوَّلِهِ الشَّيْءُ وَيَكُونُ آخِرُهُ قَدْ قَارَبَ أَوَّلَهُ كَمُقَارَبَةِ ثَمَرِ النَّخْلِ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا حَلَّ بَيْعُ ثَمَرَتِهِ الْخَارِجَةِ فِيهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالشَّجَرُ مِنْهُ الثَّابِتُ الْأَصْلِ كَالنَّخْلِ لَا يُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا فِي شَيْءٍ سَأَذْكُرُهُ يُبَاعُ إذَا طَابَ أَوَّلُهُ الْكُمَّثْرَى وَالسَّفَرْجَلُ وَالْأُتْرُجُّ وَالْمَوْزُ وَغَيْرُهُ إذَا طَابَ مِنْهُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ فَبَلَغَ أَنْ يَنْضُجَ بِيعَتْ ثَمَرَتُهُ تِلْكَ كُلُّهَا قَالَ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ التِّينَ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ يَنْبُتُ مِنْهُ الشَّيْءُ الْيَوْمَ ثُمَّ يُقِيمُ الْأَيَّامَ ثُمَّ يَنْبُتُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدُ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مِرَارًا وَالْقِثَّاءُ وَالْخِرْبِزُ حَتَّى يَبْلُغَ بَعْضُهُ وَفِي مَوْضِعِهِ مِنْ شَجَرِ الْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ مَا لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ شَيْءٌ فَكَانَ الشَّجَرُ يَتَفَرَّقُ مَعَ مَا يَخْرُجُ فِيهِ، وَلَمْ يُبَعْ مَا لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لِاخْتِلَاطِ الْمَبِيعِ مِنْهُ بِغَيْرِ الْمَبِيعِ فَيَصِيرُ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَيَأْخُذُ مُشْتَرِيهِ كُلَّهُ أَوْ مَا حُمِلَ مِمَّا لَمْ يَشْتَرِ فَإِنْ بِيعَ، وَهُوَ هَكَذَا فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يُسَلِّمَ مَا زَادَ عَلَى مَا بَاعَ فَيَكُونُ قَدْ أَعْطَاهُ حَقَّهُ وَزَادَهُ قَالَ فَيُنْظَرُ مِنْ الْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ فِي مِثْلِ مَا وَصَفْت مِنْ التِّينِ فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَخْرُجُ الشَّيْءُ مِنْهُ فِي جَمِيعِ شَجَرِهِ فَإِذَا تُرِكَ فِي شَجَرِهِ لِتَتَلَاحَقَ صِغَارُهُ خَرَجَ مِنْ شَجَرِهِ شَيْءٌ مِنْهُ كَانَ كَمَا وَصَفْت فِي التِّينِ إنْ اُسْتُطِيعَ تَمْيِيزُهُ جَازَ مَا خَرَجَ أَوَّلًا وَلَمْ يَدْخُلْ مَا خَرَجَ بَعْدَهُ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ تَمْيِيزَهُ لَمْ يَجُزْ فِيهِ الْبَيْعُ بِمَا وَصَفْت قَالَ، وَإِنْ حَلَّ بَيْعُ ثَمَرَةٍ مِنْ هَذَا الثَّمَرِ نَخْلٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ قِثَّاءٍ أَوْ خِرْبِزٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَحِلَّ أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَتُهَا الَّتِي تَأْتِي بَعْدَهَا بِحَالٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قُلْنَا لَمَّا «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» كَانَ بَيْعُ ثَمَرَةٍ لَمْ تُخْلَقْ بَعْدُ أَوْلَى فِي جَمِيعِ هَذَا.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَيْت ابْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ مُعَاوَمَةً، قَالَ فَإِذَا «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ وَالتَّمْرِ بَلَحًا شَدِيدًا لَمْ تُرَ فِيهِ صُفْرَةٌ»؛ لِأَنَّ الْعَاهَةَ قَدْ تَأْتِي