للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَذْهَبُ إلَى قَوْلِ مَنْ خَالَفَ قَوْلَ مَنْ أَخَذْت بِقَوْلِهِ أَجْمَعَ النَّاسُ أَيَكُونُ صَادِقًا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا، وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ يُخَالِفُكُمَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى قَوْلٍ فَإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ مَعًا بِالتَّأْوِيلِ فَبِالْمَدِينَةِ إجْمَاعٌ مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ وَإِنْ قُلْتُمْ الْإِجْمَاعُ هُوَ ضِدُّ الْخِلَافِ فَلَا يُقَالُ: إجْمَاعٌ إلَّا لِمَا لَا خِلَافَ فِيهِ بِالْمَدِينَةِ قُلْت: هَذَا الصِّدْقُ الْمَحْضُ فَلَا تُفَارِقْهُ، وَلَا تَدَّعُوا الْإِجْمَاعَ أَبَدًا إلَّا فِيمَا لَا يُوجَدُ بِالْمَدِينَةِ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَهُوَ لَا يُوجَدُ بِالْمَدِينَةِ إلَّا وُجِدَ بِجَمِيعِ الْبُلْدَانِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مُتَّفِقِينَ فِيهِ لَمْ يُخَالِفْ أَهْلُ الْبُلْدَانِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إلَّا مَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَيْنَهُمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَاجْعَلْ مَا وَصَفْنَا عَلَى هَذَا الْبَابِ كَافِيًا لَك دَالًّا عَلَى مَا سِوَاهُ إذَا أَرَدْت أَنْ تَقُولَ: أَجْمَعَ النَّاسُ فَإِنْ كَانُوا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ فَقُلْهُ، وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فِيهِ فَلَا تَقُلْهُ فَإِنَّ الصِّدْقَ فِي غَيْرِهِ. .

بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

وَسَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي الْكَعْبَةِ الْمَكْتُوبَةَ فَقَالَ: يُصَلِّي فِيهَا الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّافِلَةَ وَإِذَا صَلَّى الرَّجُلُ وَحْدَهُ فَلَا مَوْضِعَ يُصَلِّي فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْكَعْبَةِ فَقُلْت: أَفَيُصَلِّي فَوْقَ ظَهْرِهَا؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ بَقِيَ فَوْقَ ظَهْرِهَا مِنْ الْبِنَاءِ شَيْءٌ يَكُونُ سُتْرَةً صَلَّى فَوْقَ ظَهْرِهَا الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّافِلَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ عَلَيْهِ بِنَاءٌ يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ لَمْ يُصَلِّ إلَى غَيْرِ شَيْءٍ مِنْ الْبَيْتِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَمَا الْحُجَّةُ فِيمَا ذَكَرْت؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ بِلَالٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ» فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَهَلْ خَالَفَك فِي هَذَا غَيْرُك؟ فَقَالَ: نَعَمْ دَخَلَ أُسَامَةُ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَقَالَ أُسَامَةُ نَظَرَ فَإِذَا هُوَ إذَا صَلَّى فِي الْبَيْتِ فِي نَاحِيَةٍ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْبَيْتِ لِظَهْرِهِ فَكَرِهَ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ الْبَيْتِ لِظَهْرِهِ فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِي الْبَيْتِ وَلَمْ يُصَلِّ فَقَالَ قَوْمٌ: لَا تَصْلُحُ الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَذِهِ الْعِلَّةِ، فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَمَا حُجَّتُك عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ: قَالَ بِلَالٌ صَلَّى وَكَانَ مَنْ قَالَ صَلَّى شَاهِدًا، وَمَنْ قَالَ لَمْ يُصَلِّ لَيْسَ بِشَاهِدٍ فَأَخَذْنَا بِقَوْلِ بِلَالٍ وَكَانَتْ الْحُجَّةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُصَلِّيَ خَارِجًا مِنْ الْبَيْتِ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْهُ مَوْضِعَ مُتَوَجَّهِهِ لَا كُلَّ جُدْرَانِهِ فَكَذَلِكَ الَّذِي فِي بَطْنِهِ يَسْتَقْبِلُ مَوْضِعَ مُتَوَجَّهِهِ لَا كُلَّ جُدْرَانِهِ، وَمَنْ كَانَ الْبَيْتُ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ فَكَانَ يَسْتَقْبِلُ مَوْضِعَ مُتَوَجَّهِهِ كَمَا يَسْتَقْبِلُ الْخَارِجُ مِنْهُ مَوْضِعَ مُتَوَجَّهِهِ كَانَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَفْضَلَ مِنْ مَوْضِعِ الْخَارِجِ مِنْهُ أَيْنَ كَانَ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا نَقُولُ: يُصَلِّي فِيهِ النَّافِلَةَ، وَلَا يُصَلِّي فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): هَذَا الْقَوْلُ غَايَةٌ فِي الْجَهْلِ إنْ كَانَ كَمَا قَالَ مَنْ خَالَفَنَا لَا تُصَلَّى فِيهِ النَّافِلَةُ وَلَا تُصَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةُ وَإِنْ كَانَ كَمَا رَوَيْتُمْ فَإِنَّ النَّافِلَةَ فِي الْأَرْضِ لَا تَصْلُحُ إلَّا حَيْثُ تَصْلُحُ الْمَكْتُوبَةُ، وَالْمَكْتُوبَةُ إلَّا حَيْثُ تَصْلُحُ النَّافِلَةُ أَوْ رَأَيْت الْمَوَاضِعَ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّوَافِلَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَبِالْمُحَصِّبِ وَلَمْ يُصَلِّ هُنَالِكَ مَكْتُوبَةً أَيَحْرُمُ أَنْ يُصَلِّيَ هُنَالِكَ مَكْتُوبَةً وَأَنَّ صَلَاتَهُ النَّافِلَةَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْأَرْضِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ تَجُوزُ فِيهِ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ.

سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الْوِتْرِ أَيَجُوزُ أَنْ يُوتِرَ الرَّجُلُ بِوَاحِدَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاَلَّذِي أَخْتَارُ أَنْ أُصَلِّيَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَمَا الْحُجَّةُ فِي أَنْ يَجُوزَ بِوَاحِدَةٍ فَقَالَ: الْحُجَّةُ فِيهِ السُّنَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>