بِالْقَسْمِ إخْرَاجَهُ مِنْ مَالِهِ، وَلَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقَلِيلُ مِنْ الْجُعْلِ بِقَدْرِ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرُ بِقَدْرِ الْكَثِيرِ، وَإِنْ فِي نَفْسِي مِنْ الْجُعْلِ عَلَى الصَّغِيرِ، وَإِنْ قَلَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا يُسْتَدْرَكُ لَهُ بِالْقَسْمِ أَغْبَطَ لَهُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْجُعْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ أَجْعَلَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَهُوَ مِمَّنْ لَا رِضًا لَهُ شَيْءٌ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا شَهِدَ الْقَسَّامُ عَلَى مَا قَسَمُوا قَسَمُوا ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ لِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ، وَالْآخَرُ أَنَّ الْمَقْسُومَ عَلَيْهِمْ لَوْ أَنْكَرُوا إنَّهُمْ لَمْ يَقْسِمُوا عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جُعْلٌ، وَلَا بُدَّ لِلْقَسَّامِ مِنْ أَنْ يَأْتُوا بِشُهُودٍ غَيْرِ أَنْفُسِهِمْ عَلَى فِعْلِهِمْ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَرَاضَى الْقَوْمُ بِالْقَاسِمِ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ كَانَ بَصِيرًا بِالْقَسْمِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بَصِيرًا بِهِ فَقَسَمَ فَلَا أَنْفَذَ قَسْمَهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ حَتَّى يَتَرَاضَوْا بَعْدَمَا يَعْلَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا صَارَ لَهُ فَإِذَا رَضُوا أَنْفَذْتُهُ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنْفَذَ بَيْنَهُمْ لَوْ قَسَمُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ أَوْ مَوْلًى عَلَيْهِ لَمْ أَنْفَذَ مِنْ الْقَسْمِ شَيْئًا إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَإِذَا كَانَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ نَفَذَ، وَإِذَا تَدَاعَى الْقَوْمُ إلَى الْقَسْمِ، وَأَبَى عَلَيْهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ فَإِنْ كَانَ مَا تَدَاعَوْا إلَيْهِ يَحْتَمِلُ الْقَسْمَ حَتَّى يَنْتَفِعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ مَقْسُومًا أَجْبَرْتهمْ عَلَى الْقَسْمِ، وَإِنْ لَمْ تَنْتَفِعْ الْبَقِيَّةُ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِمْ إذَا بَعَّضَ بَيْنَهُمْ، وَأَقُولُ لِمَنْ كَرِهَ الْقِسْمَةَ إنْ شِئْتُمْ جَمَعْت لَكُمْ حُقُوقَكُمْ فَكَانَتْ مُشَاعَةً تَنْتَفِعُونَ بِهَا، وَأَخْرَجْت لِطَالِبِ الْقَسْمِ حَقَّهُ كَمَا طَلَبَهُ، وَإِنْ شِئْتُمْ قَسَمْت بَيْنَكُمْ نَفَعَكُمْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْفَعْكُمْ، وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمْ الْقَسْمَ، وَهُوَ لَا يَنْتَفِعُ بِحَقِّهِ، وَلَا غَيْرُهُ لَمْ أَقْسِمْ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ هَذَا مِثْلُ السَّيْفِ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَوْ الْعَبْدُ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَإِذَا طَلَبُوا مِنِّي أَنْ أَبِيعَ لَهُمْ فَأَقْسِمَ بَيْنَهُمْ الثَّمَنَ لَمْ أَبِعْ لَهُمْ شَيْئًا، وَقُلْت لَهُمْ تَرَاضَوْا فِي حُقُوقِكُمْ فِيهِ بِمَا شِئْتُمْ كَأَنَّهُ كَانَ مَا بَيْنَهُمْ سَيْفٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ غَيْرُهُ.
السُّهْمَانُ فِي الْقَسْمِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): يَنْبَغِي لِلْقَاسِمِ إذَا أَرَادَ الْقَسْمَ أَنْ يُحْصِيَ أَهْلَ الْقَسْمِ، وَيَعْلَمَ مَبْلَغَ حُقُوقِهِمْ فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ قَسَمَهُ عَلَى أَقَلِّ السُّهْمَانِ، وَهُوَ السُّدُسُ فَجَعَلَ لِصَاحِبِ السُّدُسِ سَهْمًا، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمَيْنِ، وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ ثُمَّ قَسَمَ الدَّارَ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ، وَكَتَبَ أَسْمَاءَ أَهْلِ السُّهْمَانِ فِي رِقَاعٍ مِنْ قَرَاطِيسَ صِغَارٍ ثُمَّ أَدْرَجَهَا فِي بُنْدُقٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ دَوَّرَ الْبُنْدُقَ فَإِذَا اسْتَوَى دَرَجَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي حِجْرِ رَجُلٍ لَمْ يَحْضُرْ الْبُنْدُقَةَ وَلَا الْكِتَابَ أَوْ حِجْرِ عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ ثُمَّ جَعَلَ السُّهْمَانَ فَسَمَّاهَا أَوَّلًا وَثَانِيًا وَثَالِثًا ثُمَّ قَالَ أَدْخِلْ يَدَك وَأَخْرِجْ عَلَى الْأَوَّلِ بُنْدُقَةً وَاحِدَةً، فَإِذَا أَخْرَجَهَا فَضَّهَا فَإِذَا خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِهَا جُعِلَ لَهُ السَّهْمُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ السُّدُسِ فَهُوَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَهُوَ لَهُ، وَالسَّهْمُ الَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ النِّصْفِ فَهُوَ لَهُ، وَالسَّهْمَانِ اللَّذَانِ يَلِيَانِهِ، ثُمَّ يُقَالُ أَدْخِلْ يَدَك فَأَخْرِجْ بُنْدُقَةً عَلَى السَّهْمِ الْفَارِغِ الَّذِي يَلِي مَا خَرَجَ، فَإِذَا خَرَجَ فِيهَا اسْمُ رَجُلٍ فَهُوَ كَمَا وَصَفْت حَتَّى تَنْفُذَ السُّهْمَانُ، وَإِذَا قَسَمَ أَرْضًا فِيهَا أَصْلٌ أَوْ بِنَاءٌ أَوْ لَا أَصْلَ فِيهَا وَلَا بِنَاءَ فَإِنَّمَا يَقْسِمُهَا عَلَى الْقِيمَةِ لَا عَلَى الذَّرْعِ فَيُقَوِّمُهَا قِيَمًا ثُمَّ يَقْسِمُهَا كَمَا وَصَفْت، وَإِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ عَلَيْهِمْ بَالِغِينَ فَاخْتَارُوا أَنْ نَقْسِمَهَا عَلَى الذَّرْعِ ثُمَّ نُعِيدَ عَلَيْهَا الْقِيمَةَ ثُمَّ يُضْرَبُ عَلَيْهَا بِالسُّهْمَانِ فَأَيُّهُمْ خَرَجَ سَهْمُهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute