للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ أَنَا أُعَجِّلُ ثُلُثَيْ قِيمَتِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَ رَجُلٌ لَهُ مَالًا كَانَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ: إنْ شِئْتُمْ عَجَّلْتُكُمْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ وَلَا يُعْتِقُوهُ عَاجِلًا وَلَا يُخْرِجُوا ثُلُثَيْهِ مِنْ أَيْدِيهِمْ بِكِتَابَةٍ وَثُلُثُهُ لَا يَحْتَمِلُهُ.

وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً.

وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَقَالَ كَاتِبُوهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَهُوَ لَا يَسْوَى عَشَرَةً وَلَا يُكَاتَبُ مِثْلُهُ عَلَى خَمْسِينَ قِيلَ إنْ رَضِيت بِالْكِتَابَةِ الَّتِي أَوْصَى أَنْ تُكَاتَبَ بِهَا كُوتِبْت وَإِنْ لَمْ تَرْضَ أَوْ عَجَزْت فَأَنْتَ رَقِيقٌ.

وَإِذَا خُيِّرَ فِي الْكِتَابَةِ فَاخْتَارَ تَرْكَهَا، ثُمَّ سَأَلَ أَنْ يُكَاتَبَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَكَهَا كَمَا إذَا رَدَّ الرَّجُلُ الْوَصِيَّةَ يُوصَى لَهُ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَأْخُذَهَا.

وَلَوْ قَالَ كَاتِبُوا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي كَانَ لَهُمْ أَنْ يُكَاتِبُوا أَيَّ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ شَاءُوا وَيُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُكَاتِبُوا أَمَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كَاتِبُوا أَحَدَ عَبِيدِي، فَإِنْ قَالَ: كَاتِبُوا أَحَدَ رَقِيقِي كَانَ لَهُمْ أَنْ يُكَاتِبُوا عَبْدًا أَوْ أَمَةً إنْ شَاءُوا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِأَوْلَى بِاسْمِ الرَّقِيقِ مِنْ الْأَمَةِ.

وَلَوْ قَالَ: كَاتِبُوا إحْدَى إمَائِي لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُكَاتِبُوا عَبْدًا وَلَا خُنْثَى فِي هَذَا الْوَجْهِ وَلَا إنْ أَوْصَى أَنْ يُكَاتَبَ أَحَدُ رَقِيقِهِ إذَا كَانَ مُشْكِلًا

الْكِتَابَةُ فِي الْمَرَضِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى شَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ جَازَ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ جَازَ وَعِتْقُهُ عِتْقُ بَتَاتٍ أَكْثَرُ مِنْ كِتَابَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَكِتَابَتُهُ مَوْقُوفَةٌ، فَإِنْ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا يَخْرُجُ بِهِ الْمُكَاتَبُ مِنْ الثُّلُثِ جَازَتْ الْكِتَابَةُ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ لَمْ يَفْدِ مَالًا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَكَاتَبَهُ عَلَى كِتَابَةِ مِثْلِهِ لَمْ تَجُزْ الْكِتَابَةُ فِي الثُّلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعَ بَتَاتٍ وَجَازَتْ فِي الثُّلُثِ وَهَكَذَا إذَا كَانَتْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ كِتَابَةِ مِثْلِهِ بَطَلَتْ فِي الثُّلُثَيْنِ وَكَانَتْ جَائِزَةً فِي الثُّلُثِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ وَصَايَا حَاصَّ أَهْلَ الْوَصَايَا وَلَمْ يَبْدَأْ عَلَيْهِمْ.

إفْلَاسُ سَيِّدِ الْعَبْدِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ لَمْ تَنْتَقِضْ الْكِتَابَةُ وَكَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ عِنْدَ مَحِلِّهِ، وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ وَكَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهُ مِنْهُ، وَلَوْ أَدَّاهُ إلَى سَيِّدِهِ عَتَقَ بِهِ وَكَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهُ مِنْهُ، فَإِنْ فَاتَ فَهُوَ كَمَا فَاتَ مِنْ مَالِهِ وَتَجُوزُ كِتَابَتُهُ لَهُ حَتَّى يَقِفَ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَإِذَا أَوْقَفَ الْحَاكِمُ مَالَهُ لَمْ تَجُزْ كِتَابَتُهُ، فَإِنْ كَاتَبَهُ بَعْدَ وَقْفِ الْقَاضِي مَالَهُ فَالْكِتَابَةُ مَرْدُودَةٌ، فَإِنْ أَدَّى لَمْ يَعْتِقْ وَأَخَذَ مَا أَدَّى وَالْعَبْدَ فَبِيعَ، وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَهُ لَمْ يَعْتِقْ وَبِيعَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ وَفَاءٌ بِدَيْنِهِ لَمْ يَعْتِقْ.

وَإِذَا اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْغُرَمَاءُ فَقَالُوا كَاتَبْته بَعْدَ وَقْفِ الْقَاضِي مَالَكَ وَقَالَ: بَلْ كَاتَبْته قَبْلَ وَقْفِ الْقَاضِي مَالِي وَلَا بَيِّنَةَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ السَّيِّدِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ يَجُرُّهُ إلَى نَفْسِهِ إنَّمَا هَذَا حَقٌّ أَقَرَّ بِهِ لِلْعَبْدِ إذَا ادَّعَاهُ الْعَبْدُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَاتَبَهُ فَقَالَ السَّيِّدُ وَالْغُرَمَاءُ كَانَتْ الْكِتَابَةُ بَعْدَ الْوَقْفِ وَقَالَ الْعَبْدُ قَبْلَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ.

وَإِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَأَقَرَّ السَّيِّدُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ وَقْفِ الْقَاضِي مَالَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْغَرِيمُ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>