للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَدَنِ فَأَنَا مُضْطَرٌّ إلَى أَنْ أُقَيِّدَ فِي الْأَقَلِّ مِنْ الْبَدَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ خَبَرٌ يَلْزَمُ يُخَالِفُ هَذَا وَلَا خَبَرَ فِيهِ يَلْزَمُ يُخَالِفُ هَذَا وَالْكِتَابُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ ذَكَرَ الْقِصَاصَ جُمْلَةً قَالَ {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} إِلَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} وَقَدْ احْتَجَّ بِهَذَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى أَصْحَابِنَا وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَلَمْ يُفَرِّقْ اللَّهُ بَيْنَ الْقِصَاصِ فِي الْجُرُوحِ وَالنَّفْسِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَاجْعَلْ الْعَبْدَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَعِيرَيْنِ لَا يَقْتَصُّ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ فَأَمَّا مَا أَدْخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْخِيَارَ فِي أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَأْخُذَ ثَمَنَ عَبْدِهِ وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ فِي الْأَحْرَارِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ فَكَمَا قَالَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَا أُدْخِلَ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ أَصَابُوا فِي الْعَبْدِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِنْ كَانُوا قَدْ غَفَلُوا عَنْهُمَا فِي الْأَحْرَارِ وَهُوَ غَفَلَ عَنْهُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَاحْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصَ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةَ

، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ مَنْ جَعَلَ فِي الْعَمْدِ الدِّيَةَ فَقَدْ خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا كَمَا ذُكِرَ كَانَ مِمَّنْ قَدْ دَخَلَ فِي خِلَافِ حُكْمِ اللَّهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ زَعَمَ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي عَمْدٍ مَالٌ فَإِنَّمَا أَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُدُودِ الَّتِي يَقْذِفُ بِهَا الْمَرْءُ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَالٌ بِقَذْفِهِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ فِي بَدَنِهِ فَيَلْزَمُهُ فِيمَا لَا يُقَيَّدُ مِنْهُ مِنْ الْعَمْدِ أَنْ يُبْطِلَهُ وَلَا يَجْعَلَ فِيهِ مَالًا، فَإِنْ قَالَ إنَّمَا أَجْعَلُ فِيهِ الْمَالَ إذَا لَمْ أَسْتَطِعْ فِيهِ الْقَوَدَ قُلْنَا فَمَنْ اسْتَثْنَى لَك هَذَا؟ إنْ كَانَ أَصْلُ حُكْمِ اللَّهِ كَمَا وَصَفْت فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَقَدْ يَكُونُ الدَّمُ بَيْنَ مِائَةٍ فَيَعْفُو أَحَدُهُمْ أَوْ يُصَالِحُ فَيَجْعَلُ مُحَمَّدٌ الدِّيَةَ لِلْبَاقِينَ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ مِنْهَا فَقَدْ جَعَلَ أَيْضًا فِي الْعَمْدِ الَّذِي يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقِصَاصُ مَالًا رَضِيَهُ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ أَوْ لَمْ يَرْضَوْهُ، فَإِنْ قَالَ فَإِنَّمَا جَعَلْنَا فِيهِ مَالًا حِينَ دَخَلَهُ الْعَفْوُ فَكَانَ يَلْزَمُهُ عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ أَنْ يَجْعَلَهُ كَالرَّجُلَيْنِ قُذِفَ أَبُوهُمَا فَأَيُّهُمَا قَامَ بِالْحَدِّ فَلَهُ الْحَدُّ وَلَوْ عَفَا الْآخَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَفْوٌ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَحْرَارُ يَعْفُونَ بِشِرْكِهِمْ فِي الدَّمِ فَحَقْنُ الدَّمِ بِعَفْوِ أَحَدِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِينَ مَالٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ إنَّمَا وَجَبَ لَهُمْ ضَرْبَةُ سَيْفٍ فَلَا تَتَحَوَّلُ مَالًا، فَإِنْ قَالَ فَأَنْتَ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا مَعِي قُلْت أَجَلْ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُكْمِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى خِلَافِ مَا قُلْت أَنْتَ كُلُّهُ وَذَلِكَ لِلْآثَارِ.

بَابُ دِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ: قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَدِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ مِثْلُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَعَلَى مَنْ قَتَلَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْقَوَدُ وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: قَدْ رَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ مُسْلِمًا بِكَافِرٍ وَقَالَ أَنَا أَحَقُّ مَنْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ» قَالَ مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ «رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَنَا أَحَقُّ مَنْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ» فَكَانَ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ فَقِيهُهُمْ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ قَالَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إذَا قَتَلَهُ قَتْلَ غِيلَةٍ وَفَرْقٌ بَيْنَ قَتْلِ الْغِيلَةِ وَقَتْلِ غَيْرِ الْغِيلَةِ وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُقْتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلِ رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ غِيلَةً مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ فَقَتَلَهُ بِهِ وَقَدْ بَلَغَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>