للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْوَصِيَّةِ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِهِ، أَوْ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي التَّرَاجِمِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا وَصَّى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِهِ، فَإِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ فَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَهُ الرُّبُعُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أَحَدِ وَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيب ابْنِهِ، فَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِالنِّصْفِ فَلَهُ الثُّلُثُ كَامِلًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الِابْنُ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ السُّدُسَ.

(قَالَ): وَإِنَّمَا ذَهَبْت إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً إلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّبُعُ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَ وَلَدِهِ الثَّلَاثَةِ يَرِثُهُ الثُّلُثُ وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَوْلُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ كَأَحَدِ وَلَدِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ مَا يَأْخُذُ أَحَدُ وَلَدِهِ، جَعَلْت بِهِ الْأَقَلَّ فَأَعْطَيْته إيَّاهُ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَنَعْته الشَّكَّ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطَوْهُ مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِي فَكَانَ فِي وَلَدِهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ أَعْطَيْته نَصِيبَ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ وَلَدُهُ ابْنَةً وَابْنَ ابْنٍ، فَقَالَ: أَعْطُوهُ مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِي أَعْطَيْته السُّدُسَ، وَلَوْ كَانَ وَلَدُ الِابْنِ اثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ أَعْطَيْته أَقَلَّ مَا يُصِيبُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ مِثْلُ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِي، فَكَانَ فِي وَرَثَتِهِ امْرَأَةٌ تَرِثُهُ ثُمُنًا، وَلَا وَارِثَ لَهُ يَرِثُ أَقَلَّ مِنْ ثُمُنٍ أَعْطَيْته إيَّاهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ يَرِثْنَهُ ثُمُنًا أَعْطَيْته رُبُعَ الثُّمُنِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ لَهُ عَصَبَةٌ فَوَرِثُوهُ أَعْطَيْته مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ، وَإِنْ كَانَ سَهْمًا مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ، وَهَكَذَا لَوْ كَانُوا مَوَالِيَ، وَإِنْ قَلَّ عَدَدُهُمْ وَكَانَ مَعَهُمْ وَارِثٌ غَيْرُهُمْ زَوْجَةٌ أَوْ غَيْرُهَا أَعْطَيْته أَبَدًا الْأَقَلَّ مِمَّا يُصِيبُ أَحَدَ وَرَثَتِهِ، وَلَوْ كَانَ وَرَثَتُهُ إخْوَةً لِأَبٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةً لِأَبٍ وَإِخْوَةً لِأُمٍّ، فَقَالَ: أَعْطُوهُ مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِ إخْوَتِي، أَوْ لَهُ مِثْلُ نَصِيبِ أَحَدِ إخْوَتِي فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وَلَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ بِأَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ لَا يَرِثُونَ وَيُعْطِي مِثْلَ نَصِيبِ أَقَلِّ إخْوَتِهِ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ نَصِيبًا، إنْ كَانَ أَحَدُ إخْوَتِهِ لِأُمٍّ أَقَلَّ نَصِيبًا، أَوْ بَنِي الْأُمِّ وَالْأَبِ أُعْطَى مِثْلُ نَصِيبِهِ.

(قَالَ): وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ مِثْلَ أَكْثَرِ نَصِيبِ وَارِثٍ لِي نُظِرَ مَنْ يَرِثُهُ فَأَيُّهُمْ كَانَ أَكْثَرَ لَهُ مِيرَاثًا أُعْطِيَ مِثْلَ نَصِيبِهِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الثُّلُثَ، فَإِنْ جَاوَزَ نَصِيبُهُ الثُّلُثَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثُّلُثُ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصِيبُ أَحَدًا مِنْ مِيرَاثِي، أَوْ أَكْثَرَ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِي أَعْطَى ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الثُّلُثَ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ ضَعْفَ مَا يُصِيبُ أَكْثَرَ وَلَدِي نَصِيبًا أَعْطَى مِثْلَيْ مَا يُصِيبُ أَكْثَرُ وَلَدِهِ نَصِيبًا، وَلَوْ قَالَ: ضِعْفَيْ مَا يُصِيبُ ابْنِي نَظَرْت مَا يُصِيبُ ابْنَهُ فَإِنْ كَانَ مِائَةً أَعْطَيْته ثَلَثَمِائَةٍ فَأَكُونُ أَضْعَفْت الْمِائَةَ الَّتِي تُصِيبُهُ بِمِيرَاثِهِ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً فَذَاكَ ضِعْفَانِ وَهَكَذَا إنْ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَضْعَافٍ وَأَرْبَعَةٌ لَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ أَنْظُرَ أَصْلَ الْمِيرَاثِ فَأُضَعِّفُهُ لَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِ مَنْ أَوْصَيْت لَهُ أُعْطِيَ أَقَلَّ مَا يُصِيبُ أَحَدًا مِمَّنْ أَوْصَى لَهُ لِأَنِّي إذَا أَعْطَيْته أَقَلَّ، فَقَدْ أَعْطَيْته مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَأَعْطَيْته بِالْيَقِينِ، وَلَا أُجَاوِزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

بَابُ الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ نَصِيبٌ مِنْ مَالِي، أَوْ جُزْءٌ مِنْ مَالِي، أَوْ حَظٌّ مِنْ مَالِي كَانَ هَذَا كُلُّهُ سَوَاءً وَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ أَعْطُوهُ مِنْهُ مَا شِئْتُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ جُزْءٌ وَنَصِيبٌ وَحَظٌّ، فَإِنْ قَالَ: الْمُوصَى لَهُ قَدْ عَلِمَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا أُحَلِّفُ الْوَرَثَةَ مَا تَعْلَمُهُ أَرَادَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهُ وَنُعْطِيهِ وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ جُزْءًا قَلِيلًا مِنْ مَالِي، أَوْ حَظًّا، أَوْ نَصِيبًا، وَلَوْ قَالَ: مَكَانٌ قَلِيلٌ كَثِيرًا مَا عَرَفْت لِلْكَثِيرِ حَدًّا وَذَلِكَ أَنِّي لَوْ ذَهَبْت إلَى أَنْ أَقُولَ الْكَثِيرُ كُلُّ مَا كَانَ لَهُ حُكْمٌ وَجَدْت قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}

<<  <  ج: ص:  >  >>