للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: هَذَا فِي الْعِتْقِ مَعَ الْوَصَايَا فَقَالَ: مَرَّةً بِهَذَا وَفَارَقَهُ أُخْرَى فَزَعَمَ أَنَّ مَنْ قَالَ: لِعَبْدِهِ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَوْقَع لَهُ عِتْقًا بِمَوْتِهِ بِلَا وَقْتٍ بُدِئَ بِهَذَا عَلَى الْوَصَايَا فَلَمْ يَصِلْ إلَى أَهْلِ الْوَصَايَا وَصِيَّةٌ إلَّا فَضْلًا عَنْ هَذَا وَقَالَ: إذَا قَالَ: اعْتِقُوا عَبْدِي هَذَا بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ قَالَ: عَبْدِي هَذَا حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ، أَوْ بِشَهْرٍ، أَوْ وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ لَمْ يُبْدَأْ بِهَذَا عَلَى الْوَصَايَا وَحَاصَّ هَذَا أَهْلُ الْوَصَايَا وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ قِيلَ: يَبْدَأُ بِالْعِتْقِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَمَا أَعْلَمُهُ قَالَ يَبْدَأُ بِالْعِتْقِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا، وَلَا يُحَاصُّ الْعِتْقُ الْوَصِيَّةَ مُطْلَقًا بَلْ فَرَّقَ الْقَوْلَ فِيهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ فِيمَا أَرَى وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

(قَالَ): وَلَا يَجُوزُ فِي الْعِتْقِ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ إذَا وَقَعَ بِأَيِّ حَالٍ مَا كَانَ بُدِئَ عَلَى جَمِيعِ الْوَصَايَا فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى يَكْمُلَ الْعِتْقُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ وَصِيَّةً مِنْ الْوَصَايَا يُحَاصُّ بِهَا الْمُعْتِقُ أَهْلَ الْوَصَايَا فَيُصِيبُهُ مِنْ الْعِتْقِ مَا أَصَابَ أَهْلَ الْوَصَايَا مِنْ وَصَايَاهُمْ وَيَكُونُ كُلُّ عِتْقٍ كَانَ وَصِيَّةً بَعْدَ الْمَوْتِ بِوَقْتٍ، أَوْ بِغَيْرِ وَقْتٍ سَوَاءً، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ خَبَرٌ لَازِمٌ، أَوْ إجْمَاعٌ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَمَنْ قَالَ: عَبْدِي مُدَبَّرٌ، أَوْ عَبْدِي هَذَا حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ مَتَى مِتُّ، أَوْ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا، أَوْ أَعْتِقُوهُ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ هُوَ مُدَبِّرٌ فِي حَيَاتِي، فَإِذَا مِتُّ فَهُوَ حُرٌّ فَهُوَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَمَنْ جَعَلَ الْمُعْتِقَ يُحَاصُّ أَهْلَ الْوَصَايَا فَأَوْصَى مَعَهُ بِوَصِيَّةٍ حَاصَّ الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ أَهْلَ الْوَصَايَا فِي وَصَايَاهُمْ فَأَصَابَهُ مِنْ الْعِتْقِ مَا أَصَابَهُمْ وَرَقَّ مِنْهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْعَبْدِ خَمْسِينَ دِينَارًا وَقِيمَةُ مَا يَبْقَى مِنْ ثُلُثِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ خَمْسِينَ دِينَارًا فَيُوصَى بِعِتْقِ الْعَبْدِ وَيُوصِي لِرَجُلٍ بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَلَآخِرَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَيَكُونُ ثُلُثُهُ مِائَةً وَوَصِيَّتُهُ مِائَتَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ فَيَعْتِقُ نِصْفَ الْعَبْدِ وَيَرِقُّ نِصْفَهُ وَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْخَمْسِينَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ خَمْسُونَ.

بَابُ التَّكْمِلَاتِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ مِنْ مَالِهِ، أَوْ بِدَارٍ مَوْصُوفَةٍ بِعَيْنٍ، أَوْ بِصِفَةٍ، أَوْ بِعَبْدٍ كَذَلِكَ، أَوْ مَتَاعٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ: ثُمَّ مَا فَضَلَ مِنْ ثُلُثِي فَلِفُلَانٍ كَانَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ: يُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالشَّيْءِ بِعَيْنِهِ، أَوْ صِفَتِهِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمَا فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ بِهِ عَبْدًا، أَوْ شَيْئًا يُعْرَفُ بِعَيْنٍ، أَوْ صِفَةٍ مِثْلُ عَبْدٍ، أَوْ دَارٍ، أَوْ عَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَهَلَكَ ذَلِكَ الشَّيْءُ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُوصَى لَهُ وَقَوْمٍ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ أَعْطَى الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِتَكْمِلَةِ الثُّلُثِ مَا فَضَلَ عَنْ قِيمَةِ الْهَالِكِ كَمَا يُعْطَاهُ لَوْ سَلَّمَ الْهَالِكَ فَدَفَعَ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِهِ (قَالَ): وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ عَبْدًا فَمَاتَ الْمُوصِي، وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ اعْوَرَّ قُوِّمَ صَحِيحًا بِحَالِهِ يَوْمَ مَاتَ الْمُوصِي وَبِقِيمَةِ مِثْلِهِ يَوْمَئِذٍ فَأَخْرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَدَفَعَ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِهِ كَهَيْئَتِهِ نَاقِصًا، أَوْ تَامًّا وَأَعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِمَا فَضَلَ عَنْهُ مَا فَضَلَ عَنْ الثُّلُثِ: وَإِنَّمَا الْقِيمَةُ فِي جَمِيعِ مَا أَوْصَى بِهِ بِعَيْنِهِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمَيِّتُ، وَذَلِكَ يَوْمَ تَجِبُ الْوَصِيَّةُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا قَالَ: الرَّجُلُ ثُلُثُ مَالِي إلَى فُلَانٍ يَضَعُهُ حَيْثُ أَرَاهُ اللَّهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا كَمَا لَا يَكُونُ لَهُ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ لَهُ شَيْئًا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَبِيعُهُ أَنْ يَكُونَ مُبَايَعًا بِهِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ مُبَايَعًا إلَّا لِغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى يَضَعُهُ يُعْطِيهِ غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ وَارِثًا لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ مَا كَانَ يَجُوزُ لِلْمَيِّتِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُعْطِيَهُ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ صَيَّرَهُ إلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ.

(قَالَ): وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضَعَهُ فِيمَا لَيْسَ لِلْمَيِّتِ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا لَيْسَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>