للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلْزَمَ كُلَّ مُذْنِبٍ ذَنْبَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ جُرْمَ أَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ فَقَالَ {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} إذَا كَانَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَاتِلًا لَهُ {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} إذَا كَانَ قَاتِلًا لَهُ {وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} إذَا كَانَتْ قَاتِلَةً لَهَا لَا أَنْ يُقْتَلَ بِأَحَدٍ مِمَّنْ لَمْ يَقْتُلْهُ لِفَضْلِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْقَاتِلِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّى لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنْ يُقْتَلَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ غَيْرَ خَاصَّةٍ كَمَا قَالَ مَنْ وَصَفْت قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ لَمْ يُقْتَلْ ذَكَرٌ بِأُنْثَى وَلَمْ يَجْعَلْ عَوَامُّ مَنْ حَفِظْت عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا لِهَذَا مَعْنَاهَا وَلَمْ يُقْتَلْ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى.

قَتْلُ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَهْلِ التَّوْرَاةِ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الْآيَةَ.

(قَالَ): وَلَا يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ إنْ كَانَ حُكْمًا بَيِّنًا إلَّا مَا جَازَ فِي قَوْلِهِ {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّ نَفْسٍ مُحَرَّمَةَ الْقَتْلِ فَعَلَى مَنْ قَتَلَهَا الْقَوَدُ فَيَلْزَمُ فِي هَذَا أَنْ يُقْتَلَ الْمُؤْمِنُ بِالْكَافِرِ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَالرَّجُلُ بِعَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَالرَّجُلُ بِوَلَدِهِ إذَا قَتَلَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَوْ يَكُونَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا} مِمَّنْ دَمُهُ مُكَافِئٌ دَمَ مَنْ قَتَلَهُ وَكُلُّ نَفْسٍ كَانَتْ تُقَادُ بِنَفْسٍ بِدَلَالَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ كَمَا كَانَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} إذَا كَانَتْ قَاتِلَةً خَاصَّةً لَا أَنَّ ذَكَرًا لَا يُقْتَلُ بِأُنْثَى.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا أَوْلَى مَعَانِيهُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ دَلَائِلَ: مِنْهَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ الْمَرْءُ بِابْنِهِ إذَا قَتَلَهُ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ الرَّجُلُ بِعَبْدِهِ وَلَا بِمُسْتَأْمَنٍ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ وَلَا بِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ وَلَا صَبِيٍّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ بِحَالٍ، وَلَوْ قَتَلَ حُرٌّ ذِمِّيٌّ عَبْدًا مُؤْمِنًا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَعَلَى الْحُرِّ إذَا قَتَلَ الْعَبْدَ قِيمَتُهُ كَامِلًا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَإِنْ كَانَتْ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَتَاعٍ لَهُ لَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَبَعِيرٍ لَهُ لَوْ قَتَلَهُ وَعَلَيْهِ فِي الْعَبْدِ إذَا قَتَلَهُ عَمْدًا مَا وَصَفْت فِي مَالِهِ؛ وَإِذَا قَتَلَهُ خَطَأً مَا وَصَفْت عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَعَلَيْهِ مَعَ قِيمَتِهِمَا مَعًا عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ يَقْتُلُهَا الْحُرُّ وَيُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ كَمَا تُقْتَلُ بِالرَّجُلِ وَسَوَاءٌ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً.

قَتْلُ الْخُنْثَى

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ عَمْدًا فَلِأَوْلِيَاءِ الْخُنْثَى الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَيَكُونُ لَهُمْ الْقِصَاصُ إذَا كَانَ خُنْثَى وَلَوْ سَأَلُوا الدِّيَةَ قَضَى لَهُمْ بِدِيَتِهِ عَلَى دِيَةِ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَلَمْ يُقْضَ لَهُمْ بِدِيَةِ رَجُلٍ وَلَا زِيَادَةٍ عَلَى دِيَةِ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ الْخُنْثَى بَيِّنًا أَنَّهُ ذَكَرٌ قَضَى لَهُمْ بِدِيَةِ رَجُلٍ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ): لِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ مِنْ الرِّجَالِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَإِذَا طَلَبَ الدِّيَةَ فَلَهُ دِيَةُ امْرَأَةٍ فَإِنْ بَانَ بَعْدُ أَنَّهُ رَجُلٌ أَلْحَقْتُهُ بِدِيَةِ رَجُلٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ أَوَّلًا يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ وَكَانَتْ عَلَامَاتُ الرَّجُلِ فِيهِ أَغْلَبَ قَضَيْت لَهُ بِدِيَةِ رَجُلٍ ثُمَّ أُشْكِلَ فَحَاضَ أَوْ جَاءَ مِنْهُ مَا يُشْكَلُ غَرَّمْته الْفَضْلَ مِنْ دِيَةِ امْرَأَةٍ (قَالَ الرَّبِيعُ) الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>