للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَأَخْبَرَنَا عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ الْحِزَامِيِّ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مساحق الْعَامِرِيِّ عَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ كَتَبَ إلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَنْ ابْعَثْ إلَى نُفَيْسِ بْنِ مَكْشُوحٍ فِي وَثَاقٍ، فَأَحْلِفْهُ خَمْسِينَ يَمِينًا عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَتَلَ ذَا دَوِيّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيُّ قَالَ اخْتَصَمَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ مُطِيعٍ إلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فِي دَارٍ فَقَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ زَيْدٌ أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي فَقَالَ مَرْوَانُ لَا وَاَللَّهِ إلَّا عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَيَأْبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ كَرِهَ زَيْدٌ صَبْرَ الْيَمِينِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَلَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ وَأَنَّ عُثْمَانَ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاتَّقَاهَا وَافْتَدَى مِنْهَا وَقَالَ أَخَافُ أَنْ يُوَافِقَ قَدْرَ بَلَاءٍ فَيُقَالُ بِيَمِينِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -):، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمِنْبَرِ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي قَدِيمٍ وَلَا حَدِيثٍ عَلِمْته.

الْخِلَافُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمِنْبَرِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَعَابَ عَلَيْنَا الْيَمِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ وَكَيْفَ تَخْتَلِفُ الْأَيْمَانُ فَيَحْلِفُ مَنْ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَمَنْ بِمَكَّةَ بَيْنَ الْبَيْتِ، وَالْمَقَامِ؟ فَكَيْفَ يَصْنَعُ مَنْ لَيْسَ بِمَكَّةَ وَلَا الْمَدِينَةِ أَيُجْلَبُ إلَيْهِمَا أَمْ يَحْلِفُ عَلَى غَيْرِ مِنْبَرٍ وَلَا قُرْبِ بَيْتِ اللَّهِ؟ قَالَ فَقُلْت لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ كَيْفَ أَحَلَفْت الْمُلَاعِنَ أَرْبَعَةَ أَيْمَانٍ وَخَامِسَةً وَهُوَ قَاذِفٌ لِامْرَأَتِهِ وَأَحْلَفْت الْقَاذِفَ لِغَيْرِ امْرَأَتِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَكَيْفَ أَحَلَفْت فِي الدَّمِ خَمْسِينَ وَأَحْلَفْت فِي الْحُقُوقِ غَيْرِهِ وَغَيْرِ اللِّعَانِ يَمِينًا وَاحِدَةً؟ وَكَيْفَ أَحَلَفْت الرَّجُلَ عَلَى فِعْلِهِ وَلَمْ تُحَلِّفْهُ عَلَى غَيْرِ فِعْلِهِ، ثُمَّ أَحَلَفْتَهُ فِي الْقَسَامَةِ عَلَى فِعْلِهِ وَمَا عَلِمَ فِعْلَ غَيْرِهِ؟ قَالَ اتَّبَعْنَا فِي بَعْضِ هَذَا كِتَابًا وَفِي بَعْضِهِ أَثَرًا وَفِي بَعْضِهِ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَقُلْت لَهُ وَنَحْنُ اتَّبَعْنَا الْكِتَابَ وَسُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْآثَارَ عَنْ أَصْحَابِهِ وَاجْتِمَاعَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا فَكَيْفَ عِبْت عَلَيْنَا اتِّبَاعَ مَا هُوَ أَلْزَمُ مِنْ إحْلَافِك فِي الْقَسَامَةِ مَا قَتَلْت وَلَا عَلِمْت؟ قَالَ فَإِنَّ صَاحِبَنَا قَالَ إنَّمَا أَخَذَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْيَمِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ عَنْ مَرْوَانَ وَخَالَفُوا زَيْدًا فَذَكَرْت لَهُ مَا كَتَبْت فِي كِتَابِي مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَقَالَ لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُنَا هَذَا وَقَالَ إنَّ زَيْدًا أَنْكَرَ الْيَمِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقُلْت لَهُ فَصَاحِبُك إنْ كَانَ عَلِمَ سُنَّةً فَسَكَتَ عَنْهَا فَلَمْ يُنْصِفْ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْهَا فَقَدْ عَجَّلَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ فَقُلْت لَهُ زَيْدٌ مِنْ أَكْرَمِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَرْوَانَ وَأَحْرَاهُمْ أَنْ يَقُولَ لَهُ مَا أَرَادَ وَيَرْجِعُ مَرْوَانُ إلَى قَوْلِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّ زَيْدًا دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ أَيَحِلُّ بَيْعُ الرِّبَا؟ فَقَالَ مَرْوَانُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ قَالَ فَالنَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الصُّكُوكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضُونَهَا فَبَعَثَ مَرْوَانُ حَرَسًا يَرُدُّونَهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ زَيْدٌ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ لَقَالَ لِمَرْوَانَ مَا هَذَا عَلَيَّ وَكَيْفَ تُشْهِرُ يَمِينِي عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَكَانَ عِنْدَ مَرْوَانَ لِزَيْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>